للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند مسلم من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام".

وقد اختلف العماء في المراد بهذا الاستثناء على حسب اختلافهم في مكة والمدينة أيهما أفضل؟

فذهب سفيان بن عيينة والشافعي وأحمد -في أصح الروايتين عنه, وابن وهب ومطرف وابن حبيب -الثلاثة من المالكية, وحكاه الساجي عن عطاء بن أبي رباح، والمكيين والكوفيين، وحكاه ابن عبد البر عن عمر وعلي وابن مسعود وأبي الدرداء وجابر وابن الزبير وقتادة، وجماهير العلماء، أن مكة أفضل من المدينة، وأن مسجد مكة أفضل من مسجد المدينة؛ لأن الأمكنة تشرف بفضل العبادة فيها على


"وعند مسلم من حديث ابن عمر" عبد الله، ومن حديث ابن عباس عن ميمونة أيضًا، والشيخين معًا من حديث أبي هريرة، "أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "صلاة في مسجدي هذا أفضل"
هكذا رواه ابن عمر وميمونة بلفظ: أفضل، وراه أبو هريرة عند الشيخين بلفظ: خير، وفي رواية عنه لمسلم: أفضل، وهما بمعنى, "من ألف صلاة فيما سواه, إلّا المسجد الحرام" بالنصب استثناء، وروي بالجر على أنَّ إلّا بمعنى غير.
قال النووي: ينبغي أن يحرص المصلي على الصلاة في الموضع الذي كان في زمنه -صلى الله عليه وسلم- دون ما يزيد فيه بعده؛ لأن التضعيف إنما ورد في مسجده, وقد أكده بقوله: هذا بخلاف مسجد مكة, فإنه يشمل جميع مكة، بل صحَّحَ النووي أنه يعم جميع الحرم.
كذا في الفتح, "وقد اختلف العلماء في المراد بهذا الاستثناء على حسب اختلافهم في مكة والمدينة أيهما أفضل، فذهب سفيان بن عيينة والشافعي وأحمد في أصح الروايتين عنه" عند أصحابه, "وابن وهب ومطرف" صاحبًا مالك, "وابن حبيب" تابع أتباعه, "الثلاثة من المالكية" المتقدِّمين, واختاره ممن بعدهم ابن عبد البر وابن رشد وابن عرفة, "وحكاه الساجي" بسين وجيم- الإمام الحافظ زكريا بن يحيى الضبي البصري، مات سنة سبع وثلاثمائة عن نحو تسعين سنة, "عن عطاء بن أبي رباح, والمكيين والكوفيين، وحكاه ابن عبد البر عن عمر" ابن الخطاب, وهو خلاف الآتي في المتن, وهو المروي في الموطأ وغيره عن عمر, تفضيل المدينة, "وعلي وابن مسعود وأبي الدرداء وجابر وابن الزبير وقتادة وجماهير العلماء أن مكة أفضل من المدينة، وأن مسجد مكة أفضل من مسجد المدينة؛ لأن الأمكنة تفضل بفضل العبادة فيها على غيرها مما تكون العبادة فيها مرجوحة".

<<  <  ج: ص:  >  >>