للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن تعقَّبه الشيخ تقي الدين السبكي بما حاصله: إن الذي قاله لا ينفي أن يكون التفضيل لأمر آخر فيهما, وإن لم يكن عمل؛ لأن قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينزل عليه من الرحمة والرضوان والملائكة، وله عند الله من المحبَّة, ولساكنه ما تقصر العقول عن إدراكه، وليس ذلك لمكان غيره، فكيف لا يكون أفضل؟ وليس محل عمل لنا؛ لأنه ليس مسجدًا، ولا له حكم المسجد، بل هو مستحق للنبي -صلى الله عليه وسلم.

وأيضًا فقد تكون الأعمال مضاعفة فيه باعتبار أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حي كما تقرره، وأن أعماله مضاعفة فيه أكثر من كل أحد، فلا يختص التضعيف بأعمالنا نحن.

قال: ومن فهم هذا انشرح صدره, لما قاله القاضي عياض من تفضيل ما ضمّ أعضاءه الشريفة -صلى الله عليه وسلم- باعتبارين: أحدهما: ما قيل: إنَّ كل أحد يدفن في الموضع


فيهما" قال العز: وموضع القبر الشريف لا يمكن العمل فيه؛ لأن العمل فيه يحرم فيه عقاب شديد.
"انتهى ملخصًا، لكن تعقبه" تلميذه العلامة الشهاب القرافي, بأنَّ التفضيل للمجاورة والحلول كتفضيل جلد المصحف على سائر الجلود، فلا يمسه محدث, ولا يلابس بقذر, لا لكثرة الثواب, وإلا لزمه أن لا يكون جلد المصحف، بل ولا المصحف نفسه أفضل من غيره؛ لتعذر العمل فيه, وهو خلاف المعلوم من الدين بالضرورة, وأسباب التفضيل أعمّ من الثواب، فإنها منتهية إلى عشرين قاعدة, وبيِّنَها كلها في كتابه الفروق، ثم قال: إنها أكثر, وأنه لا يقدر على إحصائها خشية الإسهاب. انتهى.
وكذا تعقَّبه "الشيخ تقي الدين السبكي بما حاصله: إن الذي قاله لا ينفي أن يكون التفضيل لأمر آخر فيهما" أي: الأزمنة والأمكنة, "وإن لم يكن عمل؛ لأن قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينزل عليه من الرحمة, ولساكنه, ما تقصر العقول عن إدراكه, وليس ذلك لمكان غيره، فكيف لا يكون أفضل، و" والحال أنه, "ليس محل عمل لنا؛ لأنه ليس مسجدًا, ولا له حكم المسجد، بل هو مستحق" أي: حق للنبي -صلى الله عليه وسلم, وأيضًا" وجه آخر "فقد تكون الأعمال مضاعفة فيه باعتبار أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حي -كما تقرّر" وأنه يصلي في قبره بأذان وإقامة, "وأن أعماله مضاعفة فيه أكثر من" مضاعفة عمل, "كل أحد، فلا يختص التضعيف بأعملنا نحن" أيها الأمة.
"قال" السبكي: "ومن فهم هذا انشرح صدره لما قاله القاضي عياض" تبعًا للباجي وابن عساكر, "من تفضيل ما ضمَّ أعضاءه الشريفة -صلى الله عليه وسلم باعتبارين:"
"أحدهما" باعتبار "ما قيل: إن كل أحد يدفن في الموضع الذي خلق منه" ولذا أشكل

<<  <  ج: ص:  >  >>