"والثاني: تنزل الرحمة والبركات عليه وإقبال الله تعالى" قال السمهودي: والرحمات النازلات بذلك المحل يعمّ فيضها الأمة, وهي غير متناهية لدوام ترقياته -صلى الله عليه وسلم, فهو منبع الخيرات. انتهى. "ولا نسلم أن الفضل للمكان لذاته, ولكن لأجل من حلَّ فيه -صلى الله عليه وسلم: انتهى". "وقد روى أبو يعلى عن أبي بكر" الصديق, "أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يقبض" يموت "ني, إلّا في أحبِّ الأمكنة إليه"، ولا شكَّ أن أحبها إليه أحبها إلى ربه تعالى؛ لأن حبه تابع لحب ربه -جلَّ وعلا، وما كان أحب لله ورسوله فكيف لا يكون أفضل، وقد قال عليه السلام: "اللهم إن إبراهيم" عبدك ونبيك وخليلك, وإني عبدك ونبيك, وإن إبراهيم "قد دعاك لمكة، وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعا إبراهيم لمكة ومثله معه". أخرجه مسلم والموطأ وغيرهما, عن أبي هريرة في حديث: "ولا ريب أن دعاءه أفضل من دعاء إبراهيم، لأن فضل الدعاء على قدر فضل الداعي" خصوصًا، وقد قال ومثله معه, قال بعض العلماء: قد استجاب الله دعوته للمدينة، فصار يجبى إليها في زمن الخلفاء الراشدين من مشارق الأرض ومغاربها ثمرات كل شيء. وكذا مكة بدعاء الخليل، وزادت عليها المدينة لقوله: ومثله معه شيئين. إحداهما: في ابتداء الأمر وهو كنوز كسرى وقيصر وغيرهما وإنفاقها في سبيل الله على أهلها. وثانيهما: في آخر الأمر، وهو أن الإيمان يأرز إليها من الأقطار. انتهى.