للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها لا يتمكن من طعن أحد منها.

وقد أجاب القرطبي في المفهم عن ذلك فقال: المعنى: لا يدخلها من الطاعون مثل الذي وقع في غيرها، كطاعون عمواس والجارف.

وهذا الذي قاله يقتضي أنه دخلها في الجملة، وليس كذلك، فقد جزم ابن قتيبة في "المعارف", وتبعه جمع منهم الشيخ محي الدين النووي في الأذكار": بأنَّ الطاعون لم يدخل المدينة أصلًا، ولا مكة أيضًا، لكن نقل جماعة أنه دخل مكة الطاعون في العام الذي كان في سنة تسع وأربعين وسبعمائة، بخلاف المدينة, لم يذكر أحد أنه وقع الطاعون بها أصلًا.

وأجاب بعضهم بأنه -صلى الله عليه وسلم- عوَّضهم عن الطاعون بالحمَّى؛ لأن الطاعون يأتي


عظيم وأنت خبير بأن الإشكال إنما هو منع الطاعون منها مع أنه شهادة، وذكر قرن الدجال به تقوية للإشكال, لا أنه من جملته حتى يحتاج للجواب، ويقال: إنه تركه لظهوره أن صونها منه شرف لها لما في دخوله من الفتنة والفساد.
وقد أجاب القرطبي في المفهم" شرح مسلم "عن ذلك فقال: المعنى: لا يدخلها من الطاعون مثل الذي وقع في غيره كطاعون عمواس" بفتح العين والميم- قرية بين الرملة وبيت المقدس، نسب إليها لكونه بدأ فيها, وقيل: لأنه عَمَّ الناس وتواسوا فيه سنة ثمان وستين، سُمِّي بذلك لكثرة من مات فيه، والموت يسمى جارفًا لاجترافه الناس, والسيل جارفًا لاجترافه ما على وجه الأرض وكسح ما عليها, "وهذا الذي قاله يقتضي أنه دخلها في الجملة وليس كذلك، فقد جزم ابن قتيبة في المعارف, وتبعه جمع منهم الشيخ محيى الدين النووي في الأذكار، بأن الطاعون لم يدخل المدينة أصلًا ولا مكة أيضًا".
"لكن نقل جماعة أنه دخل مكة الطاعون في العام الذي كان في سنة تسع وأربعين وسبعمائة", ولا يرد هذا على النووي؛ لأنه أخبر عمَّا سمعه وأدركه بالاستقراء إلى زمنه؛ لأنه مات قبل ذلك بزمن طويل سنة ست وسبعين وستمائة.
لكن في تاريخ مكة لعمر بن شبة برجال الصحيح عن أبي هريرة رفعه: "المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة، على كل نقب منهما ملك، فلا يدخلهما الدجال ولا الطاعون"، وحينئذ فالذي نقل أن الطاعون دخل مكة في التاريخ المذكور ليس كما ظن, أو يقال: لا يدخلها مثل ما وقع في غيرها كالجارف "بخلاف المدينة، فلم يذكر أحد أنه وقع الطاعون بها أصلًا".
"وأجاب بعضهم بأنه -عليه الصلاة والسلام- عوَّضهم عن" الثواب الحاصل لهم بسبب

<<  <  ج: ص:  >  >>