للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن بلد، بل عن قرية، وقد امتنع الطاعون عن المدينة هذه الدهور الطويلة، انتهى ملخصًا والله أعلم.

ومن خصائص المدينة أن غبارها شفاء من الجذام والبرص, بل من كل داء،


بالصحة" بقوله: "وصححها لنا, وانقل حماها إلى الجحفة" , "وقال بعضهم: هذا من المعجزات المحمدية؛ لأن الأطباء من أولهم إلى آخرهم عجزوا أن يدفعوا الطاعون عن بلد، بل عن قرية" صغيرة, "وقد امتنع الطاعون عن المدينة هذه الدهور الطويلة....أهـ." كلام الفتح "ملخصًا" بمعنى: إنه ترك منه ما لم يتعلّق غرضه به, لا التلخيص العرفي "والله أعلم".
ومن خصائص المدينة، أنَّ غبارها شفاء من الجذام والبرص", وهذا لا يمكن تعليله, ولا يعرف وجهه من جهة العقل ولا الطب، فإن توقف فيه متشرع, قلنا: الله ورسوله أعلم.
ولا ينتفع به من أنكره أو شكَّ فيه أو فعله مجربًا، قال ابن جماعة: لما حج ابن المرحل المقدسي سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، ورجع إلى المدينة سمع شيخًا من المحدثين يقول: كان في جسد بعض الناس بياض، فكان يخرج إلى البقيع عريانًا في السحر ويعود, فبرأ بذلك الغبار، فكأنَّ ابن المرحل حصل في نفسه شيء، فنظر في يده فوجد فيها بياضًا قدر درهم، فأقبل على الله بالتضرّع والدعاء, وخرج إلى البقيع, وأخذ من رمل الروضة، فدلّك به ذلك البياض, فذهب "بل من كل داء" إذا استعمل على وجه التداوي بمقدار خاص وزمن خاص، ونحو ذلك كسائر الأدوية، فلا يرد أن كثير مما بها يمرضون مع أنهم لا يخلون من مسّ غبارها، ويؤيد ذلك ما عند ابن النجار وغيره من طريق ابن زبالة, أنه -صلى الله عليه وسلم- أتى بني الحارث، فإذا هم مرضى فقال: "ما لكم"، قالوا: أصابتنا الحمَّى, قال: "فأين أنتم من صعيب"، قالوا ما نصنع به؟ قال: "تأخذون من ترابه فتجعلونه في ماء ثم يتفل عليه أحدكم ويقول: بسم الله, تراب أرضنا بريق بعضنا, شفاء لمريضنا بإذن ربنا" ففعلوا فتركتهم الحمَّى، قال بعض رواته: وصعيب وادي بطحان, وفيه حفرة من أخذ الناس، قال ابن النجار: رأيت الحفرة والناس يأخذون منها، وذكروا أنهم جرَّبوه فوجدوه صحيحًا وأخذت منه أيضًا.
قال السمهودي: وهي موجودة الآن, يعرفها الخلف عن السلف, وينقلون ترابها للتداوي، وذكر المجد أن جماعة من العلماء جرَّبوه للحمَّى فوجدوه صحيحًا.
قال: وأنا سقيته غلامًا لي واظبته الحمَّى ستة أشهر, فانقطعت عنه من يومه. وذكر في موضع آخر كالمطرزي أن ترابه يجعل في المال ويغتسل به من الحمَّى، قلت: فينبغي أن يفعل أولًا ما ورد ثم يجمع بين الشرب والغسل أ. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>