"رواه مسلم" في الجنائز عن عائشة، قالت: كان -صلى الله عليه وسلم- كلما كان ليلتها منه, يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين, وأتاكم ما توعدون غدًا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد" قال المصنف: ظاهره أنَّه كان يأتي البقيع في كل ليلة من التسع التي هي نوبة عائشة، ويحتمل أنه كان يأتي كل ليلة, وإنما أخبرت عمَّا علمت من ليلتها. وهذا كان في آخر عمره -صلى الله عليه وسلم- بعدما أمره الله تعالى, لا كل ليلة في جميع مدة هجرته إلى المدينة، وفي قوله: آخر الليل تأكدًا لزيارة في هذا الوقت؛ لأنه مظنَّة لقبول الدعاء حسبما دلَّ عليه حديث النزول أهـ. "قال ابن الحاج في المدخل: وقد فرق علماؤنا" المالكية "بين الآفاقي والمقيم في التنفل بالطواف والصلاة فقالوا: الطواف في حق الآفاقي أفضل له, والتنفل في حق المقيم أفضل، قال: وما نحن بسبيله من باب أَوْلى، فمن كان مقيمًا" بالمدينة المنورة "خرج" استحبابًا "إلى زيارة أهل البقيع، ومن كان مسافرًا فليغتنم مشاهدته -عليه الصلاة والسلام" ولا يخرج. "وحكى" ابن الحاج "عن العارف ابن أبي جمرة أنه لما دخل المسجد النبوي لم يجس إلا الجلوس في الصلاة، وأنه لم يزل واقفًا بين يديه -صلوات الله وسلامه عليه، وقد كان خطر له أن يذهب إلى البقيع" ثم عَنَّ له الترك, "فقال: إلى أين أذهب، هذا باب الله المفتوح للسائلين والطالبين والمنكسرين. انتهى".