للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعقَّب: بأن حملة العرش ليسوا من سكان السماوات والأرض؛ لأن العرش فوق السماوات كلها، وبأنَّ جبريل وميكائيل وملك الموت من الصافين المسبحين؛ ولأن الحور العين والولدان في الجنة، وهي فوق السماوات ودون العرش، وهي بانفرادها عالم مخلوق للبقاء, فلا شَكّ أنها بمعزل عمَّا خلقه الله للفناء. ثم إنه وردت الأخبار بأنّ الله تعالى يميت حملة العرش وملك الموت وميكائيل ثم يحييهم. وأمَّا أهل الجنة فلم يأتي عنهم خبر، والأظهر أنها دار خلود، فالذي يدخلها لا يموت فيها أبدًا، مع كونه قابلًا للموت، فالذي خلق فيها أَوْلَى أن لا يموت فيها أبدًا.

فإن قلت: قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَه} [القصص: ٨٨] يدل على أن


والعقارب "وتعقَّب" أي: ردَّ هذا الحليمي وضعَّفه "بأن" الاستثناء في الآية وقع من سكان السماوات والأض، أنَّ "حملة العرش ليسوا بسكان السماوات والأرض؛ لأن العرش" وحملته "فوق السماوات كلها", فهذا ينابذ تفسيره بأنهم حملته, "وبأن جبريل وميكائيل" وإسرائيل, "وملك الموت من الصافين أقدامهم في الصلاة وأداء الطاعة ومنازل الخدمة المسبحين المنزهين الله عمَّا لا يليق به، قال اليضاوي: ولعلَّ الأول إشارة إلى درجاتهم في الطاعة, وهذا في المعارف, وعبارة الحليمي: من الصافِّين حول العرش, انتهى.
يعني: فهذا يضعِّف تفسيره بالأربعة وما قبله تضعيف للتفسير بحملة العرش, "وضعَّف القول الخامس لأن الحور العين والولدان في الجنة، وهي فوق السماوات ودون العرش, فلم تدخل في الآية "وهي بانفرادها عالم مخلوق للبقاء، فلا شَكَّ أنها بمعزل" أي: بجانب بعيد عمّا خلقه الله للفناء وعبارة الحليمي والجنة والنار عالمنا بانفرادهما خلقًا للبقاء، فهما بعزل عمَّا خلق للفناء فلم يدخل أهلهما في الآية "ثم وردت الأخبار بأن الله تعالى يميت حملة العرش وملك الموت وميكائيل" وإسرافيل وجبريل, "ثم يحييهم".
"وأمَّا أهل الجنَّة فلم يأت عنهم خبر" بمثل ذلك، فلا يقال أنهم مثل أولئك؛ إذ لا دخل هنا للقياس "والأظهر أنها دار خلود, فالذي يدخلها لا يموت فيها أبدًا" وكذلك النار، كما قال تعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر: ٣٦] "مع كونه قابلًا للموت، فالذي خلق فيها أَوْلَى أن لا يموت فيها أبدًا.
قال الحليمي: وأيضًا فإنَّ الموت لقهر المكلفين ونقلهم من دار إلى دار, ولا تكليف على أهل الجنة فأعفوا من الموت أيضًا, "فإن قلت: قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} ،

<<  <  ج: ص:  >  >>