للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصور فتعلق به، ثم قال: كن فكان إسرافيل، فأمره أن يأخذ الصور فأخذه وبه ثقب بعدد كل روح مخلوقة ونفس منفوسة، فذكر الحديث وفيه: ثم تجمع الأروح كلها في الصور، ثم يأمر الله إسرافيل فينفخ فيه فتدخل كل روح في جسدها، وعلى هذا, فالنفخ يقع في الصور أولًا؛ ليصل النفخ بالروح إلى الصور وهي الأجساد،


الموصوفة بشدة البياض على صورة قرن، فلا يخالف ما رواه أبو داود والترمذي، وحسنه وصححه الحاكم وابن حبان عن عمرو, أن أعرابيًّا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصور، فقال: قرن ينفخ فيه، وإلى ذلك يشير قول ابن مسعود: الصور كهيئة القرن ينفخ فيه.
أخرجه مسدد بسند صحيح عن موقوفًا: "ثم قال للعرش: خذ الصور فتعلّق به", أي: أخذه, "ثم قال" تعالى: "كن فكان" أي: وجد, أي: خلق, "إسرافيل، فأمره أن يأخذ الصور" من العرش فأخذه, ولأحمد والطبراني بسند جيد عن زيد بن أرقم رفعه، كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وأحنى جبهته وأصغى السمع متى يؤمر، فسمع ذلك الصحابة فشقَّ عليهم فقال -صلى الله عليه وسلم: "قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل"، وصحَّح الحاكم عن أبي هريرة رفعه: "إن طرف صاحب الصور منذ وكِّل به مستعد ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه، كأنَّ عينيه كوكبان دريان" , "وبه ثقب" بمثلثة وقاف وموحدة: جمع ثقب وهو الخرق, "بعدد كل روح مخلوقة ونفس منفوسة" أي: مولودة كما في النهاية, فالعطف مغاير، أي: ما من شأنها أن تولد, وإلّا فهناك نفوس تخلق من الطين ومن العفونات, فذكر الحديث.
فقال: لا يخرج روحان من ثقب واحد, وفي وسط الصور كوة كاسدارة السماء والأرض, وإسرافيل واضع فمه على تلك الكوة، ثم قال له الرب تعالى: قد وكَّلتك بالصور، فأنت للنفخة وللصيحة، فدخل إسرافيل في مقدم العرش، فأدخل رجله اليمنى تحت العرش وقدم اليسرى ولم يغض طرفه منذ خلقه الله ينتظر ما يؤمر به، فقال: والبحر المسجور أوَّله في علم الله, وآخره في إرادة الله, فيه ماء ثخين شبه ماء الرجل, تسير الموجة خلف الموجة سبعين عامًا لا تلحقها, يمطر الله منه على الخلق أربعين يومًا بين الراجفة والرادفة, فينبتون نبات الحبة في حميل السيل, ويجمل أرواح المؤمنين من الجنان, وأرواح الكفار من النار, فتجعل في الصور, "وفيه: ثم تجتمع الأرواح كلها في الصور، ثم يأمر الله إسرافيل فينفخ فيه" أي: الصور "فتدخل كل روح في جسدها".
وبقية هذا الأثر: ثم يأمر الله جبريل أن يدخل يده تحت الأرض فيحركها حتى تنشق وينفضهم على الارض فإذا هم قيام ينظرون, وعلى هذا فالنفخ يقع في الصور أولًا ليصل النفخ" أي: أثره, "بالروح أي: الأرواح فتذهب "إلى الصور" بفتح الواو, "وهي الأجساد" جمع

<<  <  ج: ص:  >  >>