للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلذلك لو عذّب أهل سماواته وأهل أرضه لعذَّبهم وهو غير ظالم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيرًا من أعمالهم، كما في حديث أُبَيّ بن كعب عند أبي داود وابن ماجه.

وهذا فصل الخطاب مع الجبرية النفاة للحكمة, والتعليل القائلين بأنَّ القيام للعبادة ليس إلّا لمجرد الأمر، من غير أن يكون سببًا للسعادة في معاش ولا معاد، ولا لنجاة المتعقدين أنَّ النار ليست سببًا للإحراق، وأنَّ الماء ليس سببًا للإرواء والتبريد.

والقدرية الذين ينفون نوعًا من الحكمة والتعليل, والقائلين بأنَّ العبادات شرعت أثمانًا لما يناله العباد من الثواب والنعيم، وإنما هي بمنزلة استيفاء الأجير أجرته، محتجِّين بأن الله تعالى يجعلها عوضًا عن العمل، كما في قوله: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} وبقوله -صلى الله عليه وسلم- حاكيًا عن ربه تعالى: "يا عبادي،


شكرًا وهكذا إلى غير نهاية, "فلذلك لو عذّب أهل سماواته وأهل أرضه لعذَّبهم وهو غير ظالم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيرًا من أعمالهم كما في حديث أُبَيّ بن كعب عند أبي داود وابن ماجه" وصحَّحه ابن حبان، كلهم عن أُبَيّ وحذيفة وابن مسعود موقوفًا، وزيد بن ثابت مرفوعًا, عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لو أنَّ الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضه لعذَّبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرًا من أعمالهم، ولو أنفقت مثل أحد ذهبًا في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، فتعلم أنَّ ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك, ولو مت على غير هذا لدخلت النار".
ورواه أحمد أيضًا "وهذا فصل الخطاب مع الجبرية النفاة" جمع نافٍ كرام ورماة وقاض وقضاة, "للحكمة والتعليل" وأنَّ العبد المجبور على جميع ما فعل القائلين بأنَّ القيام بالعبادة ليس إلّا لمجرد الأمر" من الله بها من غير أن يكون سببًا للسعادة في معاش" للدنيا, "ولا معاد" للأخرى, "ولا" سببًا "لنجاة المعتقدين" أنَّ النار ليست سببًا للإحراق، وأنَّ الماء ليس سببًا للإرواء" للظمأ "والتبريد" للحر إذا صب على الجسد مثلا بلا شرب "و" فصل النزاع أيضًا "مع القدرية الذين ينفون نوعًا من الحكمة والتعليل, والقائلين بأن العبادات شرعت اثمانًا لما يناله العباد من الثواب والنعيم، وأنهما" أي: الثواب والنعيم.
وفي نسخة: وإنها بالإفراد, أي: العبادات, وفي أخرى: وإنما هي، أي: العبادات "بمنزلة استيفاء الأجير أجرته, محتَجِّين بأنَّ الله تعالى يجعلها عوضًا" عن العمل كما "في قوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} وبقوله -عليه السلام- حاكيًا عن ربه تعالى: "يا

<<  <  ج: ص:  >  >>