أخرجه الزبير بن بكار "وأثبت -سبحانه وتعالى- دخول الجنة بالعمل ردًّا على الجبرية الذين لم يجعلوا للأعمال ارتباطًا بالجزاء" على أصلهم الفاسد، أنَّ العبد مجبور على الفعل, لا ينسب إليه منه شيء، فلا يثاب على طاعة, ولا يعاقب على معصية, وهذا هدم للشريعة, وإبطال للآيات والأحاديث الكثيرة، وقد تشبشوا بنحو قوله تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧] وتقدَّم الرد عليهم في غزوة بدر, "فتبيِّن أنَّه لا تنافي بينهما؛ إذ توارد النفي" في الحديث, والإثبات في الآيتين, ليس على معنى واحد حتى يحصل التنافي, فالمنفي استحقاقها بمجرد الأعمال, وكون الأعمال ثمنًا وعوضًا لها ردًّا على القدرية, والمثبت الدخول بسبب العمل مع رحمة الله وفضله وتوفيقه إليه وقبوله, لا بمجرده ردًّا على الجبرية, والله يهدي من يشاء هدايته إلى صراط مستقيم, دين الإسلام. وقال الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر: يحمل الحديث على أنَّ العمل من حيث هو عمل لا يستفيد به العامل دخول الجنة ما لم يكن مقبولًا، وإذا كانت كذلك فأمر القبول إلى الله تعالى, وإنما يحصل برحمة الله لمن يقبل منه, وعلى هذا فمعنى قوله: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي: تعملونه من العمل المقبول. ولا يضر مع هذا التقدير أن تكون الباء للمصاحبة" أي: مصاحبين لأعمالكم, "أو للإلصاق, أو للمقابلة" أي: المعارضة, ولا يلزم من