"قال" الحافظ: "ثم رأيت النووي جزم بأن ظاهر الآيات أنَّ دخول الجنة بسبب الأعمال, والجمع بينها وبين الحديث أنَّ التوفيق للأعمال والهداية للإخلاص فيها وقبولها إنما هو برحمة الله وفضله، فيصح أنه لم يدخل بمجرد العمل وهو مراد الحديث، ويصح أنه دخل بسبب العمل" كما في الآية, "وهو من رحمة الله تعالى. انتهى" كلام النووي، وعليه فالباء سببية في الآية والحديث. "وروى الدارقطني" والطبراني وأبو نعيم "عن أبي أمامة, أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم: قال: "نِعْمَ" بكسر فسكون- كلمة مدح, "الرجل أنا لشرار أمتي"، قالوا: فكيف؟ أنت لخيارها، قال: "أما خيارها فيدخلون الجنة بأعمالهم" فظاهره أنَّ الباء للسببية, فيحمل على ما مَرَّ, "وأمَّا شرار أمتي فيدخلون الجنة بشفاعتي"، ذكره عبد الحق" وللترمذي والحاكم والبيهقي عن جابر رفعه: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي". ورواه البيهقي من حديث أنس بزيادة: "ولأهل العظائم وأهل الدماء"، وأخرجه أيضًا عن كعب بن عجرة, ومن مرسل طاوس بدون الزيادة، وقال: هذا مرسل حسن يشهد لكون هذه اللفظة شائعة فيما بين التابعين، وللطبراني عن ابن عمر مرفوعًا: "إني ادَّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي"، وله عن أم سلمة رفعته: "اعملي ولا تَتَّكِلي, فإن شفاعتي للهالكين من أمتي". "وأما تفضيله -صلى الله عليه وسلم- بالكوثر وهي وزن فَوْعل" مأخوذ "من الكثر" كنوفل من النفل "سُمِّيَ به هذا النهر العظيم لكثرة مائه وآنيته, وعظم قدره وخيره" والعرب تسمي كل كبير