للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد نقل المفسرون في تفسير "الكوثر" أقوالًا تزيد على العشرة، ذكرت كثيرًا منها في المقصد السادس من هذا الكتاب، وأَوْلَاها قول ابن عباس: إنه الخير الكثير لعمومه, لكن ثبت تخصيصه بالنهر من لفظ النبي -صلى الله عليه وسلم, فلا معدل عنه.

فقد روى مسلم وأبو داود والنسائي من طريق محمد بن فضيل, وعلى بن مسهر، كلاهما عن المختار بن فلفل, عن أنس -واللفظ لمسلم- قال: بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا في المسجد، إذا أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسمًا، قلنا:


القدر والعظم كوثرًا, "فقد نقل المفسرون في تفسير الكوثر أقوالًا تزيد على العشرة" أي: تفوق بمثلها على العشرة, "ذكرت كثيرًا منها في المقصد السادس من هذا الكتاب" وقال: المشهور المستفيض عند السلف والخلف أنه نهر في الجنة, أو أولاده أو الخير الكثير، أو النبوة أو علماء أمته، أو الإسلام، أو كثرة الأتباع أو العلم أو الخلق الحسن, أو جميع نعم الله عليه، هذه العشرة هي التي ذكرها المصنف، ثم ذكرت هناك بقيتها: وهي الحوض الذي في القيامة, أو الشفاعة, أو المعجزات الكثيرة, أو المعرفة، أي: العلوم الخمس التي خُصَّت بها أمته, أو كثرة الأمة, ومغايرته لكثرة الأتباع بحملهم على أصحابه لكثرتهم جدًّا على اتباع غيره من الرسل, فهذه العشرة تمام العشرين، وفي الفتح: وقيل: نور القلب، وقيل: الفقه في الدين، وقيل: القرآن. انتهى.
فأمَّا نور القلب فهو المعرفة، وأمَّا الفقه في الدين فهو العلم, "وأولادها" لو لم يفسره -صلى الله عليه وسلم- بخلاف قول ابن عباس" عند البخاري وغيره "أنه الخير الكثير لعمومه الشامل" لكل ما قيل, لكن ثبت تخصيصه بالنهر " الذي في الجنة من لفظ النبي -صلى الله عليه وسلم, فلا معدل عنه فقد روى مسلم وأبو داود والنسائي من طريق محمد بن فضيل" مصغَّر- الضبي الكوفي, من رجال الجميع, وعليّ بن مسهر" بضم الميم وسكون المهملة وكسر الهاء- القرشي، الكوفي، من رجال الكل أيضًا "كلاهما عن المختار بن فلفل" بفاءين مضمومتين ولامين أولاهما ساكنة, من رجال مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي, "عن أنس واللفظ لمسلم، قال" أنس: "بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا" أي: بيننا, وأظهر زائدة, وبين إنما تضاف لمتعدد، فيقدر بين كون أوقاته بيننا "في المسجد؛ إذ أغفى إغفاءة" أي: نام نومة خفيفة، قال الأبي: ويحتمل أن يراد بها إعراضه عمَّا كان فيه من حديث. انتهى.
هكذا في النسخ الصحيحة وهو الذي في مسلم، وفي بعضها: غفا بدون ألف، فيكون قوله: إغفاءة مصدرًا غير مقيس؛ إذ قياسه غفوًا "ثم رفع رأسه متبسمًا, فقلنا: ما أضحكك؟ " زاد

<<  <  ج: ص:  >  >>