قال الأبي: عبَّروا بالضحك عن التبسُّم منه؛ لوضوح التبسم منه -صلى الله عليه وسلم, فعبروا عنه بالضحك "قال: أنزلت عليّ آنفًا" بفتح الهمزة ممدودة ومقصورة، وبهما قرئ في السبع, وكسر النون وبالفاء، أي: قريبًا "سورة, فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم". قال الأبي: لا دلالة فيه على أنها آية منها, ولا من كل سورة, وإنما هو في المعنى؛ كقول الشاطبي: ولا بد منها في ابتداء سورة. انتهى, يعني: أن يستحب ابتداء القراء بها في غير الصلاة اتفاقًا: بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} أكَّد مع ضمير العظمة إشارة إلى عظمة المعطي والمعطى والمعطى له, وتشويقًا إليه, ونفيًا للشبهة فيه، وعبَّر بلفظ الماضي دلالة على أن الإعطاء حصل في الزمان الماضي؛ كقوله -صلى الله عليه وسلم: "كنت نبيًّا وآدم بين الروح والجسد" رواه أحمد وغيره، ولا شكَّ أن من كان في ماضي الزمان عزيزًا, مرعي الجانب, أشرف ممن يصير كذلك {فَصَلِّ لِرَبِّكَ} أمر بالصلاة مطلقًا, أو التهجد بالليل، وكان الظاهر: فاشكر, فعدل عنه؛ لأن مثل هذه النعمة العظيمة ينبغي أن يكون شكرها العبادة, وأعظمها الصلاة، فأمر بأعظم العبادات بالنفس وبالمال بقوله: {وَانْحَرْ} البدن؛ لأنَّ النحر يختص بها، وفي غيرها يقال: ذبح، وإن جاز نحر البقر, وخص الشكر بالمال بها؛ لأنها كرائم أموال العرب {إِنَّ شَانِئَكَ} أي: مبغضك {هُوَ الْأَبْتَرُ} منقطع العقب، وقيل: المنقطع عن كل خير، قال في الإتقان: والأشبه أن القرآن كله نزل يقظة، وفهم فاهمون من هذا الحديث أن السورة نزلت في تلك الإغفاءة؛ لأن رؤيا الأنبياء وحي، وأجاب الرافعي بأنه خطر له في النوم سورة الكوثر المنزَّلة في اليقظة، أو عرض عليه الكوثر الذي نزلت فيه السورة، فقرأها عليهم وفسَّره لهم، أو الإغفاءة ليست نومًا، بل هي البرحاء التي كانت تعتريه عند الوحي، قلت: والأخير أصح من الأوّل، أي: وجيهه؛ لأن قوله: "أنزلت عليَّ آنفًا" يدفع كونها أنزلت قبل ذلك, ثم قال: "أتدرون ما الكوثر"، قلنا: الله ورسوله أعلم" فيه حسن أدبهم -رضي الله عنهم, "قال: "إنه نهر وعدنيه ربي عز وجل...." الحديث تمامه: "في الجنة, عليه خير كثير, وهو حوضي, ترد عليه أمتي يوم القيامة, آنيته عدد النجوم، فيختلع العبد منهم، فأقول: رب إنه من أمتي، فيقال: ما تدري ما أحدث بعدك" , "لكن