وأما تفضيله -صلى الله عليه وسلم- في الجنَّة بالوسيلة والدرجة الرفيعة والفضيلة، فروى مسلم" في الصلاة "من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص" الصحابي بن الصحابي, "أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا" قولًا "مثل ما يقول" أي: مثل قوله بدون صفته، فلا يطلب برفع الصوت المطلوب من المؤذن؛ لأن قصده الإعلام, وقصد السامع الذِّكْر، فيكفي السر أو الجهر بلا رفع صوت، نعم, لا يكفي إجراؤه على قلبه بلا لفظ؛ لظاهر الأمر بالقول, ولا يطلب بقيام وغير ذلك مما يطلب من المؤذّن, ويستثنى من مثلية القول الحيعلتان, فيبدلهما بلا حول ولا قوة إلا بالله كما في الصحيحين, "ثم صلوا عليَّ, فإنه مَنْ صلى عليَّ صلاة" واحدة "صلى الله عليه بها عشرًا" أي: عشر صلوات، أي: رحمة, وضاعف أجره بشهادة "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" , وفائدة ذكره وإن كانت كل حسنة كذلك أنَّه تعالى لم يجعل جزاء ذكره إلّا ذكره، فكذلك جعل ذِكْرَ نبيه ذكر من ذكره, ولم يكتف بذلك، بل زاد كما في حديث أنس عند أحمد، وصحَّحه ابن حبان والحاكم "وحُطَّ عنه عشر خطيئات, ورفع له عشر درجات" قيل: إنما هذا لمن فعل ذلك محبَّة وأداءً لحقه -صلى الله عليه وسلم- من التعظيم والإجلال, لا لمن قصد به الثواب أو قبول دعائه, قال عياض: وفيه نظر. وقال الحافظ: هو تحكم غير مرضي، ولو أخرج الغافل اللاهي لكان أشبه, "ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة" عظيمة "في الجنة, لا تنبغي" لا تكون "إلّا لعبد" واحد عظيم، فالتنوين والتنكير للتعظيم "من عباد الله" الأشراف المقربين, فالإضافة لاختصاصهم بالشرف والقرب من سيدهم, "وأرجو أن أكون أنا" تأكيد للضمير المستتر في أكون, "هو" خبر وضع بدل إياه, ويحتمل أن لا يكون تأكيدًا، بل مبتدأ وخبر, والجملة خبر أكون، ويجوز أن هو وضع موضع اسم الإشارة، أي: أكون أنا ذلك، قاله الأبي, "فمن سأل الله لي الوسيلة حلَّت عليه الشفاعة" أي: وجبت له شفاعة تناسبه زيادة على شفاعته في جميع أمته، كشفاعته لأهل