ولابن مردويه عن ابن عمر، وأبي نعيم والديلمي عن ابن مسعود رفعاه: "طوبى شجرة في الجنة, لا يعلم طولها إلّا الله، فيسير الراكب تحت غصنٍ من أغصانها سبعين خريفًا, ورقها الحلل, يقع عليه كأمثال البخت". وفي الصحيحين مرفوعًا: "إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ما يقطعها"، ولأحمد وابن حبان مرفوعًا: "طوبى شجرة في الجنة مسيرة مائة عام, ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها". "و" حكى بعضهم "أنَّ أصلها في دار النبي -صلى الله عليه وسلم, وفي دار كل مؤمن منها غصن" سواء كان من أمته أم لا، كما صرَّح به في قوله: "فما من جنة من الجنان إلّا وفيها من شجرة طوبى", ومعلوم أن الجنان ليست مقصورة على هذه الأمة؛ "ليكون سر كل نعيم, ونصيب كل ولي, من سره -عليه السلام، وأنه -صلى الله عليه وسلم- ملأ الجنة, فلا ولي يتنعّم في جنته إلّا والرسول متنعِّم بتنعمه؛ لأن الولي ما وصل إلى ما وصل إليه من النعيم إلّا باتباعه لنبيه -صلى الله عليه وسلم، فلهذا كان سر النبوة قائمًا به في تنعمه", وهذا ظاهر في الأمة المحمدية, وفي مؤمني الأمم السابقة أيضًا؛ لأنه قد أخذ على الأنبياء الميثاق أن يؤمنوا بمحمد -صلى الله عليه وسلم, وأن يأمروا أممهم بالإيمان به، ولذا كان نبي الأنبياء، كما مَرَّ مبسوطًا في المقصد الأول. "وكذا إبليس -لعنه الله- ملأ النار, فلا عذاب لأحد من أهلها إلّا وإبليس -لعنه الله- سر تعذيبه, ومشارك له فيه، وفي البحر" التفسير الكبير "لأبي حيان, عند تفسير قوله تعالى: {عَيْنًا} بدل من كافورًا {يَشْرَبُ بِهَا} أي: منها {عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا} يجرونها إجراء سهلًا.