للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دور الأنبياء والمؤمنين.

وإذا علمت هذا، فاعلم أنَّ أعظم نعيم الجنة وأكمله التمتع بالنظر إلى وجه الرب -تبارك وتعالى، ورسوله -صلى الله عليه وسلم، وقرة العين بالقرب من الله ورسوله, مع الفوز بكرامة الرضوان التي هي أكبر من الجنان وما فيها، كما قال الله تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة: ٧٢] .


قيل: هي عين في دار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى دور الأنبياء والمؤمنين" كل بحسب مقامه، ثم ذكر المصنف بارقة صوفية لامعه بمعاني أحاديث نبوية، فقال: "وإذا علمت هذا" المذكور الدال على عظم نعيم الجنة, فاعلم أنَّ أعظم نعيم الجنة وأكمله التمتع بالنظر إلى وجه الرب -تبارك وتعالى" كما قال -صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أهل الجنة الجنة, يقول الله -تبارك وتعالى: تريدون شيئًا أزيدكم، فيقولوا: ألم تبيِّض وجوهنا، ألم تدخلنا الجنة, وتنجنا من النار، قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إلى ربهم" ثم تلا هذه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦] .
رواه مسلم والترمذي وابن ماجه عن صهيب، قال القرطبي: معنى كشف الحجاب: رفع الموانع عن إدراك أبصارهم حتى يروه على ما هو عليه من نعوت العظمة والجلال، فالحجاب إنما هو الخلق لا للخالق -تقدَّس وتعالى، وجاء مرفوعًا: "الحسنى الجنة, والزيادة النظر إلى وجه لرحمن" من حديث أبي موسى وكعب بن عجرة وابن عمر وأُبَيّ بن كعب وأنس وأبي هريرة, كلهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم, وجاء موقوفًا على الصديق وحذيفة وابن عباس وابن مسعود، وجاء عن جماعة من التابعين كما بسطه في البدور، وقال: قال البيهقي: هذا تفسير قد استفاض واشتهر فيما بين الصحابة والتابعين، ومثله لا يقال إلّا بتوقيف، وقال يحيى بن معين: عندي سبعة عشر حديثًا كلها صحاح، وزاد عليه في البدور اثنين، وساق ألفاظ الجميع عازيًا لمخرجيهم، وقال: إنها بلغت مبلغ التواتر عندنا معاشر أهل الحديث "و" إلى وجه "رسول الله -صلى الله عليه وسلم, وقرة العين" يردها وسرورها, "بالقرب من الله ورسوله, مع الفوز" الظفر "بكرامة الرضوان, إضافةً بيانية "التي هي أكبر" أجلّ وأعظم "من الجنان وما فيها، كما قال تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} ؛ لأنه المبدأ لكل سعادة وكرامة, والمؤدي إلى نيل الوصول والفوز باللقاء.
روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري قال: قال -صلى الله عليه وسلم: "إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة, فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك، فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: وما أفضل من ذلك، فيقول: أحلّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبدًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>