للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تكون وفق مراد الله، كما قال- جل وعلا- آمرًا نبيَّه أن يُقَرِّر هذا للناس، فقال: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي ونُسُكِي ومَحْيَاي: ومَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وبِذَلِكَ أُمِرْتُ وأَنَا أَولُ المُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢، ١٦٣].

بل إنَّ الإسلام قد أسبغ على جميع أعمال الإنسان صفة العبادة إذا قصد بهذه الأعمال وجه الله ومرضاته، وقام بها على الوجه المشروع الموافق للسنة، وكانت في سبيل تحقيق أهدافها المقصودة المشروعة؛ فالمزارع والصانع والتاجر وغيرهم من أصحاب الأعمال تُعتَبر أعمالهم عبادة إذا قَصَدَ بها كلٌّ منهم نفعَ عباد الله والاستغناء عن الحاجة إلى الناس وإعالة العيال؛ تحقيقًا لأمر الله (١).

وعلى هذا فكلُّ ما أُمر به شرعًا؛ سواءً كان من الشعائر أو من سائر أحوال الناس وعاداتهم إذا ابتغى به فاعلُه الأجر من الله ﷿ فهو عبادة؛ سواء رتَّب الشارع عليه جزاءً مُحدَّدًا أو أتى الأمر به مُطلقًا دون تحديد جزاء، وهذا مِنْ فضل الله ورحمته بعباده؛ فمثال ما رُتِّب على فِعله جزاء ويحصل للمسلم هذا الجزاء إذا كان إنَّما فعله لله: ما روى أبو هريرة ? قال: قال رسول الله : «كُلُّ سُلَامَى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تَمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة» (٢).

فاشتمل الحديثُ على بعض الآداب، وجعل الشَّارع القيام بها عبادة يُثاب عليها المسلم إذا نَوى أنه إنما قام بها من أجل الله ﷿.


(١) ينظر: «مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية» لعثمان ضميرية (ص ٢٨٥).
(٢) أخرجه البخاري (٥/ ٢٢٦) في الصلح، ومسلم رقم (١٠٠٩) في الزكاة.

<<  <   >  >>