للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ركَّب، وشاء أن يمتحنه؛ فإما أن يقوم بالطاعة أو يقوم بالمعصية، وكلا العبدين قد أوتي من القوة والصحة والأسباب ما يُعينه على فعل ما أراد، لكن هذا أعان على نفسه فاتَّبع أسباب الهداية فسار عليها، وذاك حَرَم نفسه فَوُكِل إليها، فالعبد بالتالي في حال جهاد مع نفسه، وفي حال مجاهدة مع قَدَر الله ؛ لأنه لا يعلم ما خاتمته التي يموت عليها، ولكنه يعلم أن الله تعالى قد جعل للجنة أسبابًا، وأمره بالأخذ بهذه الأسباب، فسبب دخول الجنة: الاستقامة على أوامر الله ، ولذلك ذكر العلماء أن الباء في قوله تعالى: ﴿جزاء بما كانوا يعملون﴾ [السجدة: ١٧] هي باء السبب، وليست باء المقابلة والعِوض، فالجنة ليست ثمنًا لعمل العبد؛ قال فضيلة الشيخ ابن عثيمين : «﴿جزاءً بما كانوا يعملون﴾ [السجدة: ١٧] أي: بعملهم، أو بالذي كانوا يعملونه لأن (ما) في قوله: ﴿بما كانوا يعملون﴾ [السجدة: ١٧] يصح أن تكون مصدرية، ويصح أن تكون اسمًا موصولًا، والباء هنا للسببية» (١).

وقال لأهل النار: ﴿جزاء وفاقًا﴾ [النبأ: ٢٦]، فكلٌّ يجازيه الله بحسب عمله.

ومدار الثواب والعقاب على العمل؛ فعن أبي هريرة ?، قال: قال رسول الله : «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» (٢).

فعلى الإنسان أن يحقق أسباب السعادة ونيل رضوان الله ، فالجنة لا تحصل بالجسم ولا بالمال ولا بالحسب والنسب؛ فعن أبي هريرة ?، قال: قام رسول الله حين أنزل الله ﷿: ﴿وأنذر


(١) «تفسير العلامة محمد العثيمين»، تفسير سورة الواقعة.
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٦٤)، وأيضًا بلفظ: «إنَّ الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم»، وأشار بأصابعه إلى صدره».

<<  <   >  >>