للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العظيمة؛ حتى اشتهر أنه كلما وجدت فوضى وزحام؛ فالغالب أنه مولد، فيُعبرون عن الفوضى بكلمة (مولد)؛ لأن بعض هذه الموالد التي يجتمع لها أتباع هؤلاء المتصوفة تُرتكب فيها شتى أنواع الفواحش والمنكرات، وكل ذلك على مرأى ومَسمع منهم.

فبدل أن يُعظموا أوامر الله ﷿؛ فيأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر- عَطَّلوا هذه الشعيرة من شعائر الإسلام.

فعلينا أن ننتبه إلى موطن الخلل الذي يدخل على هذه الأمة، فنحن نرى الأمة وفيها كتاب الله، وفيها سنة نبيه ، وفيها أحكام الدِّين، ولكن مع ذلك نرى من أحوالها العجب العجاب، فهذا الدَّاء جاء إليها من أمثال هؤلاء الذين عطَّلُوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وقال المصنف كذلك: «ويجاهد في سبيل الله الكفار والمنافقين، ويوالي أولياء الله، ويعادي أعداء الله».

فإذا نظرت إلى كلام المتصوفة ترى أنهم هوَّنوا من أمر الجهاد؛ بل إنهم حصروا الجهاد في جهاد النَّفس فقط، وواقع تاريخهم يشهد بذلك؛ فعندما دخل النصارى أهل الصَّليب إلى بيت المقدس في عام ٤٩٢ هـ- لم يُذكر عن أبي حامد الغزالي أنه أنكر هذا الأمر، أو أنه حث الناس على جهاد النصارى؛ قال الشيخ عبد الرحمن الوكيل: «لقد عاش الغزاليُّ بعد ذلك ثلاثةَ عشر عامًا؛ إذ مات سنة ٥٠٥ هـ، فما ذرف دمعةً واحدةً، ولا استنهض همةَ مُسلمٍ؛ ليذوذ عن الكعبةِ الأولى، بينما سواهُ يقولُ:

أحلَّ الكفرُ بالإسلامِ ضيمًا … يطولُ عليه للدينِ النحيبُ

وكم من مسجدٍ جعلوه ديرًا … على محرابهِ نُصب الصليبُ

دمُ الخنزيرِ فيه لهم خلوف … وتحريقُ المصاحفِ فيه طيب

<<  <   >  >>