للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في جَنَّته»!

وقد أجاب عن ذلك تقي الدِّين السبكي ، وبين المعنى الصواب؛ فقال: «والعاملون على أصناف: صنف عبدوه لذاته وكونه مستحقًّا لذلك، فإنه مستحق لذلك لو لم يَخلق جنة ولا نارًا. فهذا معنى قول مَنْ قال: ما عبدناك خوفًا من نارك ولا طمعًا في جنتك. أي: بل عبدناك لاستحقاقك ذلك. ومع هذا فهذا القائل يسأل الله الجنة ويستعيذ به من النار.

ويظن بعض الجهلة خلاف ذلك، وهو جهل؛ فمن لم يسأل الله الجنة والنجاة من النار، فهو مخالف للسنة؛ فإن من سنة النبي ذلك، ولما قال ذلك القائل للنبي : إنَّه يسأل الله الجنة ويستعيذ به من النار، وقال: ما أُحسن دَندنتك ولا دندنة معاذ! قال النبي : «حولها نُدَنْدِنُ» (١).

فهذا سَيِّدُ الأولين والآخرين يقول هذه المقالة؛ فمَن اعتقد خلاف ذلك فهو جاهل خَتَّال.

ومِن آداب أهل السنة أربعة أشياء لا بد لهم منها: الاقتداء برسول الله ، والافتقار إلى الله تعالى، والاستغاثة بالله، والصبر على ذلك إلى الممات. كذا قال سهل بن عبد الله التستري، وهو كلام حق» (٢).

ثم هذا أبو حامد الغزالي يقول: «فمن كان حبُّه في الدنيا رجاءه لنعيم الجنة والحور العين والقصور مُكِّن من الجنة؛ ليتبوأ منها


(١) أخرجه أبو داود (٧٩٢)، وابن حبان (٨٦٨)، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» (٧٥٧).
(٢) «فتاوى السبكي» (٢/ ٥٦٠).

<<  <   >  >>