للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث يشاء، فيلعب مع الولدان، ويتمتع بالنسوان؛ فهناك تنتهي لذَّتُه في الآخرة … فالأبرار يَرتعون في البساتين، ويتنعمون في الجنان مع الحُور العِين والولدان.

والمقربون ملازمون للحضرة، عاكفون بطرفهم عليها؛ يستحقرون نعيم الجنان بالإضافة إلى ذَرَّة منها؛ فقوم بقضاء شهوة البطن والفرج مَشغولون، وللمجالسة أقوام آخرون» (١).

وقال الغزالي أيضًا: «وأغلب البواعث باعث الفرج والبطن وموضع قضاء وطرهما الجنة؛ فالعامل لأجل الجنة عاملٌ لبطنه وفرجه كالأجير السوء، ودرجته درجة البله …

وأمَّا عبادة ذوي الألباب فإنَّها لا تجاوز ذِكر الله تعالى والفكر فيه حبًّا لجماله وجلاله … ، وهؤلاء أرفع درجة من الالتفات إلى المَنكوح والمطعوم في الجنة، فإنهم لم يقصدوها، بل هم الذين يَدعون ربَّهم بالغَدَاة والعَشي يريدون وجهه … ، ويسخرون ممن يَلتفت إلى الحُور العِين» (٢).

وهؤلاء المتصوفة أيضًا: هونوا حتى من شأن الأنبياء، ومخازيهم وفضائحهم وانحرافاتهم العقدية- للأسف الشديد- أثَّرت على الأمة أشد التأثير؛ لفتنة الناس بمن يعتقدون فيهم العلم، وبمن يعتقدون فيهم الصلاح، ولا يلحظون أنه قد يكون وراء هذا العلم فجور، ووراء هذا الصلاح فجور أو جهل، والعياذ بالله؛ فيترتب على ذلك أن العوام قد يقتدون بأناس ليسوا بأهل لأن يكونوا قدوة.

فها هي المعاني الشرعية قد عطلوها، وأقاموا بدلًا منها معاني


(١) «إحياء علوم الدين» (٤/ ٣٣٥).
(٢) «إحياء علوم الدين» (١/ ١٠٨).

<<  <   >  >>