للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشهود؛ بحيث إنه لا يشهد لذات نفسه فعلًا، فقال: يزعمون أن الأمر والنهي لازم لهذا الصنف من الناس، لمن شهد لنفسه أفعالًا، وأثبت لها صفات.

أمَّا الصنف الاول المغالي، فهو يشهد أنه مجبور على أفعاله، وأن الله هو المتصرف فيه، كما يحرك سائر المحركات، ويزعم أنه لما شهد ذلك ارتفع عنه الأمر والنهي والوعد والوعيد، لأنه وصل إلى مرتبة في التصوف؛ بحيث لا يرى لنفسه فعلًا، ويرى أنه متحرك كسائر المتحركات، فعند هذا لا يلزمه الأمر والنهي.

فالمتصوفة يرون أنه في حال وصول هذا الشخص إلى رُتبة مُعينة- تسقط عنه الأوامر والنواهي، وقد يقولون: (مَنْ شهد الإرادة سقط عنه التكليف).

فإذا وصل إلى مرحلة شهود الله ﷿ وأنه الفاعل لكل شي على الحقيقة وأنهم لا فعل لهم ولا مشيئة، على حدِّ زعمهم- فهذا لا تكليف عليه، وكما سيأتي أنهم يقولون في هذا: إنه يصبح مثل البَحر؛ لا تضره الذنوب، كما أن الأوساخ لا تؤثر في البحر الخضم. أي: لا يتأثر بذنب ولا ينتفع بطاعة، وهذا من استدراج الشيطان لهم، والعياذ بالله.

ويزعمون أن الخضر سقط عنه التكليف؛ لشهوده الإرادة؛ لأنه- من الأولياء، والأولياء لهم مَرتبة تُسقط عنهم التكاليف.

فيُفرقون بين العامَّة والخاصة؛ فالخواص تسقط عنهم الأوامر والنواهي، ويكتفون بشهود الحقيقة الكونية، قال المصنف: «وقد يفرقون بين مَنْ يعلم ذلك علمًا وبين مَنْ يراه شهودًا»، أي: لا يكتفون بمجرد العلم؛ فبعضهم قال: إذا كان هذا الشخص علم هذه

<<  <   >  >>