للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: ﴿قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب﴾ [الرعد: ٣٠]، وقول شعيب : ﴿عليه توكلت وإليه أنيب﴾ [هود: ٨٨]».

المتصوفة طوائف، كما ذكر المصنف هنا؛ فهم ليسوا على حال واحدة، إذ انحرافهم متنوع؛ كما قال : ﴿أفمن يمشي مكبًّا على وجهه أهدى أم من يمشي سويًّا على صراط مستقيم﴾ [الملك: ٢٢]، فأصحاب الحق منهجهم وطريقهم واحد؛ لكن أهل الضلال وأهل الباطل تتشعب بهم الطرق، فأراد المصنف هنا أن يُمَثِّل بصورٍ من أنواع الضلال التي وقع فيها بعضهم؛ فبَيَّن أنَّ من هؤلاء المتصوفة طائفة هم أعلاهم قدرًا، وهم مُستمسكون بما اختاروه- بهواهم- بأداء الفرائض المشهورة، واجتناب المحرمات المشهورة؛ فعندهم استقامة على الفرائض المشهورة، واجتناب للمحرمات المشهورة، يعني: اتبعوا الأمور الظاهرة من الفرائض، واجتنبوا المحرمات الظاهرة، لكن هذا الاستمساك ليس بقصد اتِّباع شرع الله ﷿؛ لأن اتباع شرع الله ﷿ يكون في الصغيرة والكبيرة، وفي الدقيق وفي الجليل!

فذكر المصنف أن من خصالهم أداء الفرائض واجتناب المحرمات المشهورة، وهذا أمر لم يُعرف عنهم انحراف فيه، لكن انحرافهم جاء من باب ترك الأخذ بما أمروا به من الأسباب؛ فعَطَّلوا الأسباب المأمور بها شرعًا؛ إذ العبد مأمور بطلب الرزق، والرزق لا يأتي بدون أسباب، فلا بد من بذل الأسباب والسعي وطلب الرزق، لكن هؤلاء عَطَّلوا هذه الأسباب، وظنوا أن ترك الأسباب من التوكل، وبالتالي شرعوا من الدِّين ما لم يأذن به الله ﷿، وجاءوا بمفاهيم فاسدة، ظانين أن العارف إذا شهد القَدَر

<<  <   >  >>