للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في دينه ودنياه، ودفع ما يَضره في دينه ودنياه، ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب وإلَّا كان معطلًا للحكمة والشرع؛ فلا يجعل العبد عجزه توكلًا ولا توكله عجزًا» (١).

وقال ابنُ حَجَر: «المراد بالتوكل: اعتقاد ما دَلَّت عليه هذه الآية: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦]، وليس المراد به: ترك التسبب والاعتماد على ما يأتي من المخلوقين؛ لأنَّ ذلك قد يَجُرُّ إلى ضِد ما يَرَاه من التوكل، وقد سئل أحمد عن رجل جلس في بيته أو في المسجد، وقال: لا أعمل شيئًا حتى يَأتيني رزقي! فقال: هذا رجل جَهِل العلمَ؛ فقد قال النبي : «إنَّ الله جعل رزقي تحت ظلِّ رُمحي» (٢)، وقال: «لو تَوكلتم على الله حقَّ تَوكله لرزقكم كما يَرزق الطير تَغدو خماصًا، وتَروح بِطانًا» (٣)، فذكر أنَّها تَغدو وتروح في طلب الرزق، قال: وكان الصحابة يَتَّجِرون ويَعملون في نَخيلهم، والقدوةُ بهم» (٤).

* * *


(١) «زاد المعاد في هدي خير العباد» (٤/ ١٥)، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤١٥ هـ/ ١٩٩٤ م.
(٢) جزء من حديث؛ أورده البخاري تعليقًا في باب (مَا قِيل فِي الرِّمَاحِ) (٤/ ٤٠)، وأخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (١٩٤٠١)، وأحمد في «المسند» (٥١١٤)، من حديث ابن عمر ، وصححه الألباني في «الإرواء» (١٢٦٩). ولابن رجب الحنبلي رسالة ماتعة في شرح هذا الحديث، بعنوان: «الحِكَم الجديرة بالإذاعة من قول النبي : «بُعِثتُ بالسَّيف بين يدي السَّاعة».
(٣) أخرجه أحمد في «المسند» (٢٠٥)، والترمذي (٢٣٤٤) من حديث عمر ?، وصححه الألباني في «الصحيحة» (٣١٠).
(٤) «فتح الباري» (١١/ ٣٠٥، ٣٠٦)، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ.

<<  <   >  >>