للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبيُّ : «أَوَّلُ ما يُقضى بين النَّاس في الدِّماء» (١)، والنميمة بين الناس هي التي تُوَلِّد الشحناء، ثم يتولد من هذه الشحناء استباحة الدماء، فلذلك يُعَذَّب النَّمَّام في قبره.

فالعبد يعلم أنه مهما اجتهد في أداء الواجبات فلا بد أن يقع منه تقصير، وهو يعلم كذلك أن جميع عبادته لا تساوي أن تكون ثمنًا لمَّا أعده الله ﷿ من ثواب للعبد المؤمن.

فهؤلاء الذين تركوا المستحبات من الأعمال دون الواجبات- ينقص أجرهم بقدر ما تركوا من هذه المستحبات.

فعلى العبد أن يَلزم هذه المستحبات وهذه النوافل وهذه السُّنن، وهي- بإذن الله- جبر لما نَقص من واجباته، وزيادة في درجاته، ورفعة له وخير وإحسان ونور في ذات نفسه.

وليعلم العبد أن حياة القلوب إنما هي بهذه الأعمال الصالحة؛ فبَقدر ما يعمر أوقاته بتلك الأعمال الصالحة بقدر ما يَعمر الإيمان قلبه ويزداد فيه، وهذا الإيمان نور يتلألأ في قلب المؤمن، كما قال الله ﷿: ﴿الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم﴾ [النور: ٣٥].

فهذا المَثَل ضربه الله لنور الإيمان في قلب المؤمن؛ قال الحكيم الترمذي: «ضربَ الْمثل لنوره فِي قلب الْمُؤمن؛ ليُعلمه قدره ومنزلته، فدَلَّه بالحاضر على مَا أعد لَهُ فِي الآجل … فَكَلَام المؤمن نور، وَعَمله نور، وَظَاهره نور، وباطنه نور، ومدخله فِي الْأَعْمَال


(١) أخرجه البخاري (٦٨٦٤) ومسلم (١٦٧٨) من حديث عبد الله بن مسعود ?.

<<  <   >  >>