للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجلس، فقال: «أَلَا وقَول الزُّور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور» (١)، وعن عبد الله بن مسعود ? قال: قلت يا رسول الله: أيُّ الذَّنب أعظم؟ قال: «أن تجعل لله ندًّا وهو خَلَقَكَ!». قلت: ثم أي؟ قال: «أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك». قال: ثم أي؟ قال: «أن تُزاني حليلةَ جارك»، وأنزل الله تصديق قول النبي : ﴿والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر﴾ [الفرقان: ٦٨] الآية» (٢).

تفاوت أفهام الناس في أفضل العبادات وأنفعها، وأحقها بالإيثار والتخصص:

انقسم الناس في ذلك إلى أربعة أصناف:

الصنف الأول: يرون أنَّ أنفع العبادات وأفضلها هي أشقها على النفوس وأصعبها. وهؤلاء: هم أهل المجاهَدات والجَوْر على النفوس. قالوا: لأنه أبعد الأشياء عن هواها، وهذا هو حقيقة التعبد.

قالوا: والأجر على قدر المشقة، ورووا حديثًا لا أصل له: «أفضل الأعمال أحمزها» (٣)، أي: أصعبها وأشقها، وقالوا: وإنما تستقيم النفوس بذلك، إذ طبعها الكسل والمهانة، والإخلاد إلى الأرض، فلا تستقيم إلا بركوب الأهوال وتحمل المشاق.

الصنف الثاني: قالوا: أفضل العبادات التجرد والزهد في الدنيا، والتقلُّل منها غاية الإمكان، واطراح الاهتمام بها، وعدم الاكتراث بكلِّ ما هو منها.


(١) أخرجه البخاري (٥٩٧٦) ومسلم (٨٧).
(٢) أخرجه البخاري (٦٠٠١) ومسلم (٨٦).
(٣) قال السخاوي في «المقاصد الحسنة» (ص ١٣٠): «قال المزي: هو من غرائب الأحاديث، ولم يُرو في شيء من الكتب الستة».

<<  <   >  >>