للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجود بعض جوانب التقصير في بعض النَّاس لا يَعني انعدام الخير لديهم بالكلية؛ فقد يكون لديهم جوانب خفية من الخير؛ ومن الشواهد على ذلك: ما جاء عن عمر بن الخطاب ? «أن رجلًا كان على عهد النبي ، وكان اسمه عبد الله، وكان يُلَقَّب حمارًا، وكان يُضحك رسول الله ، وكان النبي قد جلده في الشَّرَاب، فأتي به يومًا فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم الْعَنْهُ، ما أكثرَ ما يُؤتى به! فقال النبي : «لا تلعنوه، فوالله ما علمتُ إنَّه يحب الله ورسوله» (١).

فهذه القصة يُستفاد منها أن المتعين علينا أن لا نُقَيِّم الناس من منظور واحد، فكم نقع في مجالسنا في أعراض أناس وننتقص من تدينهم ونذمهم، وقد يكون لهم من الأعمال التي تُقَرِّبهم إلى الله ونحن لا نعلم، فواجب على الناس أن يكون لديهم فقه في هذه الجوانب؛ لأنَّها توجد لديهم بعض التوازن في نظرتهم ومعاملتهم لمن حولهم، فالنصوص الشرعية تؤكد على أن لكل شخص ما يناسبه من الطاعات، كما أنَّ لكل وقت ما يُناسبه من الطاعات، وهم في ذلك بين ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات، وما علينا إلا أن نذكر لكل شخص ما يُحمد له من خصال الخير، وأن ندعو لمن نرى عليه تقصيرًا بالصَّلاح والفلاح والتوفيق لما يحبه الله ويرضاه.

وفي مقابل تفاضل الطاعات جاءت أحاديث عديدة في السُّنَّة بَيَّنت أنَّ الذنوب- كذلك- أنواع ومراتب، فعن أبي بكرة قال: قال رسول الله : «أَلَا أُنبئكم بأكبر الكبائر؟». قلنا: بلى يا رسول الله. قال- ثلاثًا-: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين»، وكان متكئًا


(١) أخرجه البخاري (٦٧٨٠) من حديث عمر بن الخطاب ?.

<<  <   >  >>