للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الطاعات، ولو استعرضنا ما ورد في السُّنَّة النبوية في هذا الجانب لوجدنا أمثلة كثيرة تشير لذلك ومنها ما وقع لأبي بكر ? لما جاء من حديث أبي هريرة ? أن رسول الله قال: «مَنْ أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خيرٌ؛ فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الرَّيَّان، ومَن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة». فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما على من دُعي من تلك الأبواب من ضرورة؛ فهل يُدعى أحدٌ من تلك الأبواب كلها؟! قال: «نعم! وأرجو أن تكون منهم» (١).

وكما أنَّ الناس في أبواب الرزق على ثلاثة أقسام؛ فمنهم مَنْ هو مرتفع الدَّخل، ومنهم مَنْ هو متوسط الدخل، ومنهم مَنْ هو منخفض الدخل- فكذلك الشأن في الطاعات، فالله ﷿ يقول: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ومِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ومِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُو الفَضْلُ الكَبِيرُ﴾ [فاطر: ٣٢].

ويجب على كلِّ إنسان أن ينظر في نفسه؛ ليعرف ما فُتح له من أبواب الطَّاعة؛ فيلزمه ويحافظ عليه ويزداد منه، وعليه ألَّا يشق على نفسه في ميادين ليست متوائمة مع ما خَصَّه الله به من خصال الخير، كما يجب عليه أن ينظر للغير بنظرةٍ من جنس نظرة الإمام مالك للعمري العابد؛ حيث قال له: «وأرجو أن يكون كِلانا على خير»، فالنظرة الإيجابية للناس مطلوبة باعتبار أن ما وُفِّقُوا له من الخير هو بابٌ فُتِح لهم من الله، يُرجى أن يكون سببًا لدخولهم الجَنَّة.


(١) أخرجه البخاري (١٨٩٧) ومسلم (١٠٢٧) من حديث أبي هريرة ?.

<<  <   >  >>