النبيين؛ لأنهم أولو العزم من الرسل، وهذا تخصيص لبيان شرفهم ومكانتهم.
وتارَة لكَون العَام فِيهِ إِطْلَاق قد لَا يُفهم مِنْهُ العُمُوم، كَمَا فِي قَوْله: ﴿هدى لِلمُتقين﴾ [البقرة: ٢]، ثم ذكر من أوصافهم بعد ذلك: ﴿الَّذين يُؤمنُونَ بِالغَيْبِ ويقيمون الصَّلَاة ومِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ * والَّذين يُؤمنُونَ بِمَا أنزل إِلَيْك ومَا أنزل من قبلك﴾ [البقرة: ٣، ٤].
فقوله: ﴿يُؤمنُونَ بِالغَيْبِ﴾ [البقرة: ٣] يتَنَاول كلَّ الغَيْب الَّذِي يجب الإِيمَانُ بِهِ، لَكِن فِيهِ إِجْمَال؛ إذ مفهوم الإيمان يشمل عدة أمور، منها ما هو غيب ومنها أمور أخرى، فَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على أَنَّ من الغَيْب ما أُنزل إليك وما أُنزل مِنْ قبلك، فخصه بذلك لأهميته؛ لنؤمن بما أنزل إلينا وما أنزل من قبلنا، فهذا أمر لا بد منه؛ لأن الكفر بما أنزل من قبل النبي ﷺ خروج من الإيمان، ولمَّا لم يستحضر الذهن مثل هذه الأمور، كان لا بد ذكرها وتخصيصها؛ لكي تُعلم قيمتها ومكانتها، وقد يكون المقصود أنهم يؤمنون بالمخبر به وهو الغيب، وبالإخبار بالغيب هو ما أُنزل إليك وما أنزل من قبلك، يعني: قد يكون المقصود أنهم يؤمنون بالمخبر به، ومن هذا الإيمان بما أنزل وما أنزل من قبلك باعتبار أنه من الغيب، فقد يكون المراد هذا وقد يكون المراد هذا، فهنا يقتضي أن له خاصية ليست لسائر الأمور.
ومن هذا الباب قوله تعالى: ﴿اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة﴾ [العنكبوت: ٤٥]، وقوله: ﴿والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة﴾ [الأعراف: ١٧٠]؛ فتلاوة الكتاب هي اتِّباعه والعمل به، ولا شك أن الصلاة من العمل به، كما قال ابن مسعود في قوله: ﴿الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته﴾ [البقرة: ١٢١]، قال: «يُحِلُّون حلالَه