سليمان: ﴿نعم العبد إنَّه أَوَّاب﴾ [ص: ٣٠]، وعن أيوب: ﴿نعم العبد﴾ [ص: ٤٤]، وقال عنه: ﴿واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه﴾ [ص: ٤١]، وقال عن نوح ﵇: ﴿ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدًا شكورًا﴾ [الإسراء: ٣]، وقال عن خاتم رسله: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى﴾ [الإسراء: ١]، وهو أولى القِبلتين، وقد خَصَّه الله بأن جعل العبادة فيه بخمسمائة ضِعف، والمقصود بمضاعفة الحسنات: هو المسجد الذي حرقه اليهود عليهم لعنة الله، ويظن البعضُ أن المسجد الأقصى هو الصَّخرة والقُبَّة المحيطة بها، وليس كذلك، وقال: ﴿وأنه لما قام عبد الله يدعوه﴾ [الجن: ١٩]، وقال: ﴿وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا﴾ [البقرة: ٢٣]، وقال: ﴿فأوحى إلى عبده ما أوحى﴾ [النجم: ١٠]، وقال: ﴿عينًا يشرب بها عباد الله﴾ [الإنسان: ٦]، وقال: ﴿وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا﴾ [الفرقان: ٦٣]، ومِثل هذا كثير متعدد في القرآن».
رجع المصنف إلى الرد على المتصوفة، وسبق أن بعض أهل التصوف ظنوا أن العبودية مرحلة، إذا استطاعوا تجاوزوها وصلوا إلى مقام أكبر وأعظم، وهو مقام الخواص، وخواص الخواص؛ وبالتالي تسقط عنهم العبادة والتكاليف، ولا شك أن هذا باطل.
ولذلك قال:«ومَن توهم أن المخلوق يخرج من العبودية بوجه من الوجوه، أو أن الخروج عنها أكمل- فهو مِنْ أجهل الخلق، بل من أضلهم». وهذه دعوى بعض المتصوفة الذين يزعمون أن العبادة ما هي إلا مرحلة، وهي أمور خاصة بالعوام، وأن الواحد منهم متى ما تخلى بخلواته وانشغل بأوراده وأذكاره الخاصة المبتدعة- فإنه