تَعِس عبدَ الدِّرهم، تَعِسَ عبدَ القَطِيفة، تَعِس عبدَ الخميصة، تَعِسَ وانتكس، وإذا شِيك فلا انتقش؛ إن أُعطي رَضِي، وإن مُنِع سَخِط»، فمَن عبدَ الدينار والدرهم ولهث وراءهما- لا يُحِلُّ حلالًا ولا يُحرم حرامًا من أجل اكتسابها، وكان همه هو جمع المال وزينة الدنيا من ملبس ومركب ومسكن ونحو ذلك، ولا يبالي من أين اكتسب هذا المال ولا فيما أنفقه، ويغرُّه المال وينسى أنه سيسأل عنه يوم القيامة؛ كما جاء في الحديث:«لا تزول قَدَمَا عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن عُمره فيما أفناه، وعن عِلمه فِيم فَعَل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جِسمه فيم أبلاه»(١).
وقد سمَّاه النبيُّ ﷺ عبد الدرهم وعبد الدينار وعبد القطيفة وعبد الخميصة؛ لأن العبودية في أصلها هي الذُّلُّ والخضوع، وهذا المحب لهذه الأشياء الجامع لها والمغتر بها- يحمله حبها لها على الذل والخضوع في طلبها وجمعها، ويكون ذلك على حساب دينه وعبوديته لربه، وتبقى أقواله وأعماله وحركاته وسكناته تبعًا لتحصيل هذه الأشياء ويلهث وراءها؛ فتستعبده.
وقوله:«فيه دعاء وخبر، وهو قوله: «تعس وانتكس»، فهذا دعاء عليه فما بالك بمن دعا عليه النبيُّ ﷺ؟! فيجب أن يحذر من ذلك، ولو علم بحقيقة دعوة النبي ﷺ لضاقت الدنيا عليه.
وكذلك الخبر:«وإذا شِيك فلا انتقش»، أي: إذا أصابته شوكة ما استطاع إخراجها.
لذا يجب على الإنسان أن يحتاط لنفسه؛ لأن هذه الأمور قد
(١) أخرجه الدارمي (٥٥٤) والترمذي (٢٤١٧) من حديث أبي برزة الأسلمي ?، وصححه الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (١٢٦).