تقع في النفس وتهواها وتتعلق بها؛ بحيث يصعب عليها مفارقتها، وبالنظر لأحوال تجد بعض أهل الدنيا ممن عندهم من الأموال ما يكفي أمة من الناس، ومع ذلك تراه على حالة رثة، وتجده من أبخل الناس على نفسه، وهو في ضنك من العيش وفي هَمٍّ وغم، وقد لا ينام الليل؛ بسبب أن حبَّ الدنيا قد تمكن في قلبه، وأصبح عبدًا خادمًا للمال بدل أن يكون هذا المال وسيلة لقضاء حوائجه.
قال المصنف ﵀: "وهذه حال مَنْ إذا أصابه شَرٌّ لم يَخرج منه ولم يُفلح؛ لكونه تَعس وانتكس؛ فلا نال المطلوب، ولا خلص من المكروه، وهذه حال من عبد المال، وقد وصف ذلك بأنَّه إذا أُعطي رضي، وإذا مُنع سخط، كما قال تعالى: ﴿ومنهم مَنْ يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يُعطوا منها إذا هم يسخطون﴾ [التوبة: ٥٨]؛ فرضاهم لغير الله، وسخطهم لغير الله».
وهذا من دعوة النبي ﷺ على مَنْ هذا حاله؛ قال المصنف:«وهذه حال من أصابه شرٌّ لم يخرج منه ولم يُفلح؛ لكونه تَعس وانتكس»، فشرٌّ ووبال على الإنسان أن يكون على مثل هذا الحال، وسيأتي أن مدار هذه الأمور كلها على الحبِّ؛ لأن تعريف العبادة هي كمال المحبة مع كمال الذُّلِّ، فأصل الأمر هو الحب، فإذا كان حبك لله ﷿ تعَلَّقَ القلب بما يُرضي الله ﷿، وسعى في تحقيقه، وإذا اختل هذا الحب وتعلق بغير الله ﷾ فهذا هو الذل بعينه، وهو الحياة الضنك والشقاء والانتكاس.
ولما كان كل إنسان إنما يبحث عن السعادة والحياة الطيبة- لزم أن يعلم أنها في اتباع منهج الله؛ قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ