للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي يُفضي بصاحبه إلى التراب، بحيث لا يكون عنده ما يتقي به التراب.

والغرم المفظع: أي: الشنيع المجاوز المقدار، وأراد به الديون الفادحة التي تهبط صاحبها.

والدم المُوجع: هو الذي يُوجع أولياء المقتول من شِدَّة تحمُّلِ الدِّيات (١).

ولذلك حث النبي على العمل، وذمَّ المسألة؛ فقال: «لأن يَأخذ أحدُكم حَبْلَه، فيَذهب فيحتطب خير له من أن يَسأل الناس؛ أعطوه أو منعوه».

ودعا إلى الصبر والاستغناء والاستعفاف عمَّا في أيدي الناس؛ فقال: «مَنْ يَستغنِ يُغنه الله، ومَن يَستعفف يُعِفَّه الله، ومَن يتصبر يُصبره الله، وما أُعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر».

وأوصى خواصَّ أصحابه ألَّا يَسألوا الناس شيئًا، كما جاء في شأن أبي بكر أنَّه كان يسقط سوط الدابة من يده، فينزل عن دابته، وهذا فيه كلفة ومشقة، ويتناول سوطه؛ لكيلا يطلب من أحد أن يناوله إيَّاه، مع أن هذه الأمور قد تكون من أقل أنواع السؤال، ولكنها أمور تَرَبَّى عليها خواصُّ أصحاب النبي حتى لا يَسألوا الناس شيئًا أبدًا.

وقد دَلَّت النصوصُ على الأمر بسؤال الخالق والنهي عن سؤال المخلوق في غير موضع؛ كما في قوله تعالى: ﴿فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب﴾ [الشرح: ٧]، فالرغبة تكون إلى الله وحده.

* * *


(١) انظر: «الميسر في شرح مصابيح السنة» للتُّورِبِشْتِي (٢/ ٤٣٧).

<<  <   >  >>