للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اسْتكْمل الإِيمَان، كَمَا فِي الحَدِيث: «مَنْ أحبَّ لله وأبْغض لله، وأعْطى لله ومنع لله، فقد اسْتكْمل الإِيمَان» (١)، وقَالَ: «أوثق عُرى الإِيمَان: الحبُّ فِي الله والبُغض فِي الله» (٢).

وفِي «الصَّحيح» عَنهُ : «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وجد حلاوة الإِيمَان: مَنْ كَانَ اللهُ ورَسُولُه أحبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا، ومَن كَانَ يحب المَرْء لَا يُحِبهُ إِلَّا لله، ومن كَانَ يكره أَنْ يَرجع إِلَى الكفْر بعد إِذْ أنقذه الله مِنْهُ كَمَا يَكره أَنْ يُلقى فِي النَّار» (٣). فَهَذَا وافقَ ربَّه فِيمَا يُحِبُّهُ ومَا يَكرههُ، فَكَانَ الله ورَسُوله أحبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا، وأحب المَخْلُوق لله، لَا لغَرَض آخر. فَكَانَ هَذَا مِنْ تَمام حُبِّه لله، فَإِنْ محبَّة مَحْبُوب المحبوب من تَمام محبَّة المحبوب، فَإِذا أحبَّ أَنْبيَاء الله وأولياء الله لأجل قيامهم بمحبوبات الحق- لَا لشَيْء آخر- فقد أحبهم لله لَا لغيره، وقد قَالَ تَعَالَى: ﴿فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ ويُحِبُّونَهُ أَذِلَّة على المُؤمنِينَ أعزة على الكَافرين﴾ [المَائِدَة: ٥٤].

ولِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قل إِنْ كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله﴾ [آل عمرَان: ٣١]، فَإِنْ الرَّسُول لَا يَأْمر إِلَّا بِمَا يحب الله، ولَا يَنْهَى إِلَّا عَمَّا يبغضه الله ولَا يَفعل إِلَّا مَا يُحِبهُ الله ولَا يخبر إِلَّا بِمَا يحبُّ الله التَّصْدِيق بِهِ.

فَمن كَانَ محبًّا لله لزم أَنْ يَتبع الرَّسُول، فيصدقه فِيمَا أخبر، ويُطيعه فِيمَا أَمر، ويتأسى بِهِ فِيمَا فعل، ومَن فعل هَذَا فقد فَعل مَا


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٤٧٣٠) وأبو داود (٤٦٨١) من حديث أبي أمامة ?، وصححه الألباني في «الصحيحة» (٣٨٠).
(٢) أخرجه ابن ابن شيبة (٣٤٣٣٨)، وأحمد (١٨٥٢٤) من حديث البراء بن عازب ?، وحسنه الألباني في «الصحيحة» (٩٩٨).
(٣) أخرجه البخاري (١٦) ومسلم (٤٣) من حديث أنس ?.

<<  <   >  >>