للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسبحون اللَّيْل والنَّهَار لَا يفترون﴾ [الأنبياء: ١٩، ٢٠]، وقَالَ تعالى: ﴿إِنْ الَّذين عِنْد رَبك لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَته ويسبحونه وله يَسْجُدُونَ﴾ [الأعراف: ٢٠٦].

وذَمَّ المُستكبرين عنها بقوله: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠].

بعد أن عَرَّفَ شيخُ الإسلام ابنُ تَيمية- رحمه الله تعالى- العبادةَ ذَكَرَ هنا بعض الأمثلة عليها، مُشِيرًا إلى بيان أهميتها، وما لها مِنْ مَنزلة ومكانة، ولهذه الإشارة مغزى عظيم؛ لأن أهل الكلام والمتصوفة- وهما من أكبر خُصُوم أهل السُّنَّة- لم يُقيموا لأمر العبادة وزنًا، ولم يجعلوا لها شأنًا، حيث وقفوا عند توحيد الرُّبوبية.

فأهلُ الكلام لما عرَّفوا التوحيد وقَسَّموه قالوا: إنَّ الله واحد في ذاته لا قَسِيم له، وواحدٌ في صِفاته لا نَظِير له، وواحدٌ في أفعاله لا شريكَ له (١).

وهم بهذا التعريف أسقطوا ذِكر وعَدَّ توحيد العبادة، ولم يجعلوه قِسْمًا من أقسام التوحيد؛ بل إنهم زيادة على ذلك فسَّرُوا معنى: لا إله إلا الله بقولهم: لا لا ربَّ ولا مالك ولا خالق، ولا قادر على الاختراع إلا الله ، ولمَّا عرفوا الإله حصروا معنى الألوهية


(١) انظر في ذلك من كتب الأشاعرة: «مجرد مقالات الأشعري» لابن فورك (ص: ٥٥)، ورسالة الحرة للباقلاني- المطبوعة باسم «الإنصاف» (ص: ٣٣، ٣٤)، و «الاعتقاد» للبيهقي (ص: ٦٣)، و «شرح أسماء الله الحسنى» للقُشيري (ص: ٢١٥)، و «الشامل في أصول الدِّين» (ص: ٣٤٥ - ٣٤٨)، و «الإرشاد» (ص: ٥٢)، و «لمع الأدلة» (ص: ٨٦) للجويني، و «إحياء علوم الدين» (١/ ٣٣)، و «الاقتصاد في الاعتقاد» (ص: ٤٩) لأبي حامد الغزالي، و «نهاية الإقدام في علم الكلام» للشهرستاني (ص: ٩٠).

<<  <   >  >>