للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الربوبية، وقالوا: إن الإله هو: القادر على الاختراع والخَلْقِ (١).

فهذا شأنُ توحيد العبودية والألوهية عند أهل الكلام.

وأمَّا أهل التصوف؛ فمنهم مَنْ يقول كالهروي: إنَّ «التوحيد: تنزيه الله تعالى عن الحدث، وإنما نطق العلماء بما نطقوا به، وأشار المحققون بما أشاروا إليه في هذا الطريق؛ لقصد تصحيح التوحيد، وما سواه مِنْ حال أو مقام فكله مصحوب العلل.

والتوحيد على ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: توحيد العامة الذي يصح بالشواهد.

والوجه الثاني: توحيد الخاصَّة، وهو الذي يثبت بالحقائق.

والوجه الثالث: توحيد قائم بالقِدم، وهو توحيد خاصَّة الخاصَّة.

فأما التوحيد الأول فهو شهادة أن ﴿لا إله إلا الله﴾ [محمد: ١٩] وحده لا شريكَ له، الأحد الصَّمَد، الذي لم يَلد ولم يُولد، ولم يكن له كُفُوًا أحد» (٢).

فمن المتصوفة مَنْ اعتبروا توحيد العِبادة الذي هو توحيد الرُّسُل هو توحيدُ العَوَام، وجعلوه في المنزلة الدُّنيا، وجعلوا توحيد الربوبية فوق توحيد العبادة، ولذلك جعلوا توحيد الخاصَّة هو شهود الربوبية، والفناء بشهوده عن مشهوده، وبوجوده عن موجوده، بمعنى: أنهم حصروا هذا المقام من التوحيد في شهود مقام الربوبية.


(١) انظر: «أصول الدين» للبغدادي (ص ١٢٣)، و «المِلل والنِّحل» للشهرستاني (١/ ١٠٠)، و «مجرد مقالات الأشعري» لابن فورك (ص ٤٧).
(٢) «منازل السائرين» لأبي إسماعيل الهروي (١٣٥ - ١٣٨)، دار الكتب العلمية- بيروت.

<<  <   >  >>