للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«إِنَّ الله اتخذنى خَلِيلًا، كَمَا اتَّخَذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا» (١). وقَالَ: «لَو كنت متخذًا من أهل الأَرْض خَلِيلًا لاتَّخذت أَبَا بكر خَلِيلًا، ولَكِنَّ صَاحبَكُم خَلِيلُ الله» (٢)، يَعْني: نَفسه.

وقَالَ: «لَا تبقين فِي المَسْجِدِ خَوْخَة إِلَّا سُدَّت إِلَّا خوخةَ أَبى بكر» (٣). وقَالَ: «أَلَا وإِنَّ مَنْ كَانَ قبلكُمْ كَانُوا يَتَّخذون القُبُور مَسَاجِد، أَلا فَلَا تَتَّخِذُوا القُبُور مَسَاجِد؛ فإني أَنهاكم عَنْ ذَلِك» (٤). وكل هَذَا فِي «الصحيح»، وفِيه أَنه قَالَ ذَلِك قبل مَوته بأيام، وذَلِكَ من تَمام رسَالَته؛ فَإِنْ فِي ذَلِك تَمام تَحْقِيق مخالَّته لله الَّتِي أَصْلهَا محبَّة الله تَعَالَى للعَبد ومحبة العَبْد لله، خلافًا للجهمية.

وفِي ذَلِك تَحْقِيق تَوْحِيد الله، وألَّا يعبدوا إِلَّا إِيَّاه؛ ردًّا على أشباه المُشْرِكين، وفِيه ردٌّ على الرَّافضة الَّذين يَبخسون الصِّديق ? حَقَّه، وهم أعظم المنتسبين إِلَى القِبْلَة إشراكًا بِعبَادة عَليٍّ وغَيره من البشر.

والخُلَّة: هِيَ كَمَال المحبَّة المستلزمة من العَبْد كَمَال العُبُودِيَّة لله، ومن الربِّ سُبْحَانَهُ كَمَال الربوبية لِعِبَادِهِ الَّذين يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَهُ.

ولَفظ العُبُودِيَّة يتَضَمَّن كَمَالَ الذُّلِّ وكَمَالَ الحبّ؛ فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: قلب مُتَيَّم، إِذا كَانَ متعبدًا للمحبوب. والمتيم: المتعبد، وتيم الله: عبد الله، وهَذَا- على الكَمَال- حصل لإِبْرَاهِيمَ ومُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِمَا وسَلَّم.


(١) أخرجه مسلم (٥٣٢) من حديث جندب ?.
(٢) أخرجه مسلم (٢٣٨٣) من حديث عبد الله بن مسعود ?.
(٣) أخرجه البخاري (٣٩٠٤) ومسلم (٢٣٨٢) من حديث أبي سعيد الخدري ?.
(٤) أخرجه مسلم (٥٣٢) من حديث جندب ?.

<<  <   >  >>