للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذَلِك. وكلما كَانَ فِيهِ عبودية لغير الله كَانَ فِيهِ حب لغير الله بِحَسب ذَلِك.

وكل محبَّة لَا تكون لله فَهِيَ بَاطِلَة، وكل عمل لَا يُرَاد بِهِ وجه الله فَهُو بَاطِل، فالدُّنْيَا ملعونة، مَلعُون مَا فِيهَا إِلَّا مَا كَانَ لله (١)، ولَا يكون لله إِلَّا مَا أحبه الله ورَسُوله، وهُو المَشْرُوع.

فَكل عمل أُرِيد بِهِ غير الله لم يكن لله، وكل عمل لَا يُوافق شرع الله لم يكن لله، بل لَا يكون لله إِلَّا مَا جمع الوصفين: أَنْ يكون لله، وأَن يكون مُوافقًا لمحبة الله ورَسُوله، وهُو الواجِب والمُسْتَحب، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملًا صَالحًا ولَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا﴾ [الكَهْف: ١١٠].

فَلَا بُد من العَمَل الصَّالح، وهُو الواجِب والمُسْتَحب، ولَا بُد أَنْ يكون خَالِصًا لوجه الله تَعَالَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿بلَى من أسلم وجهه لله وهُو محسن فَلهُ أجره عِنْد ربه ولَا خوف عَلَيْهِم ولَا هم يَحْزَنُونَ﴾ [البَقَرَة: ١١٢]، وقَالَ النَّبِيُّ : «مَنْ عمل عملًا لَيْسَ عَلَيْهِ أمرنَا فَهُو ردٌّ» (٢)، وقَالَ : «إِنَّمَا الأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وإِنَّمَا لكل امْرِئ مَا نوى؛ فَمَنْ كَانَتْ هجرته إِلَى الله ورَسُوله فَهجرَته إِلَى الله ورَسُوله، ومَن كَانَتْ هجرته لدُنْيَا يُصِيبهَا أَوْ امْرَأَة يَتَزَوجهَا فَهجرَته إِلَى مَا هَاجر إِلَيْهِ» (٣).

وهَذَا الأَصْل هُو أصل الدَّين، وبحسب تَحْقِيقه يكون تَحْقِيق الدَّين، وبِه أرسل الله الرُّسُل، وأنزل الكتب، وإِلَيْهِ دَعَا الرَّسُول،


(١) أخرج الترمذي (٢٣٢٢) وابن ماجه (٤١١٢) عن أبي هريرة ? أن رسول الله قال: «الدُّنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالمًا أو مُتعلمًا»، وحسنه الألباني في «صحيح ابن ماجه» (٣٣٢٠).
(٢) أخرجه مسلم (١٧١٨) من حديث عائشة .
(٣) أخرجه البخاري (١) ومسلم (١٩٠٧) من حديث عمر بن الخطاب ?.

<<  <   >  >>