للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عابدين﴾ [الأَنْبِيَاء: ٧٢، ٧٣]، ولما استكبر فرعون وقومه عن عبادته جل وعلا جعلهم أئمة للمشركين المتبعين أهواءهم؛ قَالَ تعالى عن فِرْعَوْن وقَومه: ﴿وجعلناهم أَئِمَّة يدعونَ إِلَى النَّار ويَوْم القِيَامَة لَا ينْصرُونَ * وأتبعناهم فِي هَذِه الدُّنْيَا لعنة ويَوْم القِيَامَة هم من المقبوحين﴾ [القَصَص: ٤١، ٤٢].

وكما سبق فالله ﷿ له إرادتان: الإرادة الشرعية. والإرادة القدرية، ووقع كثير من الناس في الطوام من عدم التفريق بين الإرادتين، وهذا هو معنى قول المصنف: «ولِهَذَا يَصير أَتبَاع فِرْعَوْن- من الضالين الجبرية، سواء جبرية الصوفية، أو جبرية الجهمية- أَولًا إِلَى أَلَّا يُميزوا بَين مَا يُحِبهُ الله ويرضاه وبَين مَا قَدَّر الله وقضاه».

وهؤلاء يقسمون الناس إلى قسمين: أهل الشريعة، وأهل الحقيقة، فيقولون: أهل الشريعة هم القائمون بها. وأما أهل الحقيقة: فهم الذين يرون أن كل ما وقع في الكون من كفر وإيمان وطاعة وعصيان هو مراد لله ، وبالتالي فهو محبوب له .

ولم يُفَرِّقوا ما أراده الله قدرًا وما أمر به شرعًا؛ فلا بد من الفرق بين الخالق والمخلوق، ولا بد من الفرق الكفر والإيمان، وبين الطاعة والعصيان، وأن العبد كلما ازداد تحقيقًا لهذا الفرق ازدادت عبوديته لله وإنابته إليه، وبالتالي تزداد محبته له، وينفر من عبادة غيره، ويُعرض عن محبة سواه.

* * *

<<  <   >  >>