للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصوفية، ونتيجة التعبد عندما يَشتغل به الإنسان- حسب فهمهم وطريقتهم- أن يصل إلى مرحلة الفناء.

والمقصود بالفناء: الغَيْبَة، أي: أن يَغيب عقل الإنسان الخارجي وحِسُّه الظاهري الذي يستشعر به من حوله، فلا تكون عنده قدرة على استشعار ما حوله من الأشخاص والأماكن والأحوال التي حوله.

فما أتى به الصوفية من كون الإنسان يمكن له أن يترك الشريعة لوجود الحقيقة، أو يترك الأحكام، أو تلغى ظواهر النصوص الشرعية من أجل الحقيقة- فاسد وباطل، وهذا يُشبه قول الباطنية: بأن النصوص لها ظاهر وباطن، ثم يفسرون الباطن بالطريقة التي يَرونها.

وليس الفناء كله مذموم، وإن كان الاصطلاح أصلًا اصطلاحًا صوفيًّا، ولكن كون الإنسان يغيب عمن حوله هذا في حد ذاته ليس مذمومًا؛ لأنه قد يَستغرق الإنسان في التعبد إلى درجة أنَّه لا يشعر بمن حوله، وهذا الاستغراق في التعبد وفق ما أمر الله به وعلى طريقة النبي في العبادة ليس فيه إشكال، كما يروى عن بعض الصالحين: أنه كان يصلي في المسجد وسقط الجدار فيه، وفَزع أهل السوق لصوت سقوط الجدار، وهو قائم يصلي في المسجد لم يَنتبه لذلك من خشوعه في صلاته.

ولكن الطامة أن يُعَرَّف الفناء بأنه: اختفاء عن الأمور الظاهرية؛ لاندماجه بها، وأن هذه هي حقيقة الألوهية، كما يقول دعاة وحدة الوجود.

* * *

<<  <   >  >>