للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَّا مَنْ هُو فِي غَايَة الضلال والفساد؛ إِمَّا فَسَاد العقل، وإِمَّا فَسَاد الِاعْتِقَاد؛ فَهُو مُتَرَدِّدٌ بَين الجُنُون والإلحاد».

هؤلاء المُشركون الضَّالُّون يُسَوُّون بين الله وبين خَلْقِه، والخليل إبراهيم يقول: ﴿قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٧٥ - ٧٧].

فمن ضلال هؤلاء: أنَّهم يأخذون بعض كلام مَنْ يُسمونهم بالعارفين، ويستخرجون منه أمورًا تخالف كلام المرسلين، بل تخالف فِطر الناس أجمعين؛ ولهذا فعلوا كما فعلت النصارى عندما استخرجوا من كلام الحواريين ما يظنون أنَّه يدعم مذهبهم في أن الأب والابن وروح القدس إله واحد، وهو مذهب التثليث.

فيوجد في الصوفية مَنْ يكون عنده شيء من الشرك الأصغر، ويوجد منهم من يكون عنده من الشرك الأكبر مع إقراره بالنبوة وبالإلهية لله ﷿ في الجملة، ويوجد منهم من هو أشد من ذلك، وأمَّا أعلاهم زندقة فهم القائلون بالحلول وأصحاب وحدة الوجود.

ولقد كثرت المصطلحات عند المتأخرين كثرة كبيرة، وأغلبها أراد بها أصحابها التلبس بالحق للوصول إلى الباطل؛ تحقيقًا لأهوائهم المريضة، وعقولهم السقيمة، وأكثر من جاء بهذه المصطلحات هم أهل البدع المحدثة، الذين أرادوا التلبيس على أهل المنهج الحق، ومن هذه المصطلحات مصطلح (الفناء)، وقد بَيَّن شيخُ الإسلام هنا هذا المصطلح، وحقيقته وأقسامه، وما يجوز منه وما لا يجوز.

والفناء: اصطلاح صوفي، وهو متعلق بالتعبد ونتيجته عند

<<  <   >  >>