للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد نَعته اللهُ بالعبودية فِي أكمل أَحْواله، فَقَالَ فِي الإِسْرَاء: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾ [الإسراء: ١]، وقَالَ فِي الإيحاء: ﴿فَأوحى إِلَى عَبده مَا أوحى﴾ [النَّجْم: ١٠]، وقَالَ فِي الدَّعْوة: ﴿وأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبدًا﴾ [الجِنّ: ١٩]، وقَالَ فِي التحدي: ﴿وإِن كُنْتُم فِي ريب مِمَّا نزلنَا على عَبدنَا فاتوا بِسُورَة من مثله﴾ [٢٣ البَقَرَة].

أثنى اللهُ على الملائكة بأنَّهم لا يَستكبرون عن عبادته، وذَمَّ جل وعلا المُستكبرين حيث قال: ﴿إنَّ الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين﴾ [غافر: ٦٠].

وقد بَيَّن شيخُ الإسلام ثناءَ الله على عباده الذين أَخْلَصُوا له في عبادتهم له ﷿، وهنا عِدَّةُ وقفات:

الوقفة الأولى: أنواع العبودية لله تعالى:

العبودية على نوعين: عبودية عامَّة. وعبودية خاصَّة.

فالعبودية العامَّة: عبودية أهل السموات والأرض كلهم لله؛ بَرِّهم وفاجرهم، مُؤمنهم وكافرهم. فهذه عبودية القَهر والمُلك؛ قال تعالى: ﴿وقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ ولَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وتَنشَقُّ الأَرْضُ وتَخِرُّ الجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ ولَدًا ومَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ ولَدًا إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاواتِ والأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٨٨ - ٩٣]، فهذا يدخل فيه مؤمنهم وكافرهم.

وقال تعالى: ﴿ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ ومَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيل﴾ [الفرقان: ١٧]؛ فسَمَّاهم عِبَادَه مع ضلالهم، ولكنها تسمية مُقَيَّدة بالإشارة، وقال تعالى: ﴿قُلِ

<<  <   >  >>