للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاواتِ والأَرْضِ عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُون﴾ [الزمر: ٤٦]، وقال: ﴿ومَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلمًا لِّلعِبَاد﴾ [غافر: ٣١]، وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ العِبَاد﴾ [غافر: ٤٨]؛ فهذا يتناول العبودية الخاصة والعامة.

وأما النوع الثاني: العبودية الخاصة، وهي عبودية الطاعة والمحبة واتباع الأوامر، وقد جاءت تسميتهم مُطلقة.

قال تعالى: ﴿يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ ولَا أَنتُمْ تَحْزَنُون﴾ [الزخرف: ٦٨]، وقال: ﴿وعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الزخرف: ٦٨].

وأخرج الطبريُّ عن الربيع في قوله: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [النحل: ٩٩] إلى قوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْركُونَ﴾ [النحل: ١٠٠] يُقال: إنَّ عدوَّ الله إبليس قال: ﴿لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص: ٨٣، ٨٢] فهؤلاء الذين لم يُجعل للشيطان عليهم سبيلٌ، وإنَّما سُلطانه على قومٍ اتَّخذوه وليًّا، وأشركوه في أعمالهم» (١).

فعباد الله حقًّا هم الذين قال لإبليس عنهم: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغَاوِين﴾ [الحجر: ٤٢].

قال الإمام ابن كثير : «وقوله: ﴿إن عبادي ليس لك عليهم سلطان﴾ [الحجر: ٤٢] أي: الذين قَدَّرْتُ لهم الهدايةَ؛ فلا سبيلَ لك عليهم، ولا وصولَ لك إليهم، ﴿إلَّا مَنْ اتبعك من الغاوين﴾ [الحجر: ٤٢] استثناء مُنقطع» (٢).


(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٧/ ٢٩٥).
(٢) «تفسير ابن كثير» (٤/ ٥٣٥).

<<  <   >  >>