للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاستثناء المُنقطع معناه: أن المستثنى ليس من جنس المستثنى منه ولا بعضه.

والمعنى هنا: أنَّ هؤلاء الغاوين المتبعين لإبليس ليسوا عبادًا لله حقًّا؛ أي: العبودية الخاصة.

قال الإمامُ ابنُ القَيِّم : «وإنَّما انقسمت العبوديَّةُ إلى خاصَّة وعامة؛ لأنَّ أصلَ معنى اللفظة [أي: العبودية]: الذُّلُّ والخضوع؛ يُقال: طريق مُعَبَّد إذا كان مُذَلَّلًا بوطء الأقدام، وفلان عَبَّده الحبُّ إذا ذلَّلَه.

لكِنْ أولياؤه خَضعوا له وذَلُّوا طوعًا واختيارًا وانقيادًا لأمره ونهيه، وأعداؤه خَضعوا له قهرًا ورغمًا» (١).

الوقفة الثانية: وصفُ عبيد ربوبيته بالعبودية لا يأتي إلا على أحد خمسة أوجه:

فالخلق كلهم عبيد ربوبيته، وأمَّا أهل طاعته وولايته: فهم عبيد إلهيته.

ولا يجيء في القرآن إضافة العباد إليه مطلقًا إلا لهؤلاء المُخْلَصِين.

وأمَّا وصف عبيد ربوبيته بالعبودية؛ فلا يأتي إلا على أحد خمسة أوجه:

الأول: إمَّا مُنَكَّرًا؛ كقوله: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاواتِ والأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٩٣].

والثاني: مُعَرَّفًا بالألف واللام؛ كقوله: ﴿ومَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلمًا


(١) «مدارج السالكين» (١/ ١٠٦).

<<  <   >  >>