وقد علم: أن الصلاة تجب بأول وقتها وجوباً موسعاً فلا يأثم بتأخيرها إن عزم على فعلها فيه ولو مات قبل فواتها.
وقول المصنف:(الأول) بضم الهمزة وفتح الواو جمع أوَّل باعتبار الأوقات الخمسة، و (أوَّل) منصوب بـ (اشتغل)، و (بالأسباب) بنقل حركة همزها إلى الساكن قبلها متعلق به أيضاً، و (إذ) في كلامه: ظرفية أو تعليلية.
[استحباب الإبراد بفعل الظهر وشروطه]
وما تقدم من أنه يسن تعجيل الصلاة لأول وقتها .. محله ما لم يعارضه ما هو أرجح منه، فإن عارضه .. يسن تأخيرها، وذلك في مسائل كثيرة ذكر المصنف هنا منها: مسألة الإبراد بالظهر فقال:
(لطالب الجمع بمسجدٍ أتي ... إليه من بعدٍ خلاف الجمعة)
أي: وسن لمريد الصلاة الإبراد بفعل الظهر؛ أي: تأخيره؛ لشدة الحر إلى أن يصير للحيطان ظل يمشي فيه قاصد الجماعة، ولا يجاوز به نصف الوقت، بقطر الحر، لطالب الجمع؛ أي: الجماعة إماماً كان أو مأموماً، بمسجد؛ أي: ونحوه من أمكنة الجماعة، أتي للصلاة إليه من بعد؛ لكثرة الناس فيه، أو فقه إمامه أو نحوه؛ أي: ولا يجد كنا يمشي فيه؛ والأصل فيه: خبر "الصحيحين": "إذا اشتد الحر .. فأبردوا بالصلاة"، وفي رواية للبخاري:"بالظهر؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم" أي: هيجانها، ولأن في تعجيل الصلاة في شدة الحر مشقة تسلب الخشوع أو كماله.
وما ورد مما يخالف ذلك .. منسوخ، فلا يسن الإبراد في غير شدة الحر ولو بقطر حار، ولا في قطر بارد أو معتدل وإن اتفق فيه شدة الحر، ولا لمن يصلي منفرداً أو جماعة ببيت، أو بمسجد حضره جماعة لا يأتيهم غيرهم، أو يأتيهم غيرهم من قرب، أو من بعد لكن يجد كناً يمشي فيه؛ إذ ليس ذلك كثير مشقة، وسن الإبراد أيضاً لمنفرد يريد فعل الظهر في