(وتطهر الخمر إذا تخللت ... بنفسها وإن غلت أو نقلت)
(وجلد ميتةٍ - سوى خنزير بر ... والكلب - أن يُدبغ بحرِّيفٍ طهر)
أفاد كلامه: أن نجس العين يطهر في صورتين:
[طهارة الخمر إذا تخللت بنفسها]
الأولى: الخمر ولو غير محترمة إذا تخللت بنفسها؛ أي: صارت خلاً بلا مصاحبة عين؛ لمفهوم خبر مسلم عن أنس قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أنتخذ الخمر خلاً؟ قال:"لا"، وروى البيهقي عن عمر: أنه خطب فقال: (لا يحل خل من خمر أُفسدت حتى يبدأ الله إفسادها)، ولزوال الشدة من غير نجاسة خلفتها.
و(أفسدت) بضم الهمزة؛ أي: خللت، و (يبدأ إفسادها) بفتح الياء أي: يجعلها خلاً بلا علاج آدمي، وحيث حكم بطهارتها .. حكم بطهارة دِنِّها تبعاً لها؛ للضرورة وإلا .. لم يوجد خل طاهر من خمر، وإن غلت الخمر فارتفعت إلى رأي الدِّن، ثم عادت إلى أسفل وتخللت .. حكم بطهارة ما ارتفعت فيه من الدن؛ للضرورة.
قال البغوي في "فتاويه": اما إذا ارتفعت بفعله .. فلا يطهر الدن؛ إذ لا ضرورة، وكذا الخمر؛ لاتصالها بالمرتفع النجس، أو نقلت من ظل إلى شمس، أو عكسه، أو بفتح رأي الدن؛ استعجالاً للحموضة .. فإنها تطهر؛ لأن الفعل الخالي عن العين لا يؤثر؛ بناء على أن علة بقاء نجاستها تنجسها بالعين كما سيأتي، لا تحريم التخليل الدال عليه الخبر والأثر السابقان.
أما إذا تخللت بمصاحبة عين طرحت فيها، أو وقعت فيها بنفسها حال الخمرية أو قبلها وإن لم تؤثر في التخليل ك حصاة وماء .. فلا تطهر؛ لتنجسها بعد تخللها بالعين التي تنجست بها، ولا ضرورة، بخلاف الدِّن.
قال البغوي في "فتاويه": ولو نقلت من دن إلى آخر .. طهرت بالتخلل، بخلاف ما لو أخرجت منه ثم صب فيه عصير فتخمر ثم تخلل .. لا يطهر.