ومفهوم كلامهم: أنها تطهر بالتخلل إذا نزعت العين منها قبله، وهو كذلك، إلا أن تكون العين المنزوعة نجسة كعظم ميتة .. فإنها لا تطهر؛ بناء على أن النجس يقبل التنجس، وهو الأصح.
وتعبيره بـ (الخمر): يخرج النبيذ كالمتخذ من التمر والزبيب؛ فإنه لا يسمى خمراً حقيقة عند الأكثرين كما قاله الشيخان في (الأشربة)، وقد صرح القاضي أبو الطيب في كتاب "الرهن" بأن النبيذ لا يطهر بالتخلل؛ لتنجس الماء به حال الاشتداد فينجسه بعد انقلابه خلاً، وأقره عليه في "المطلب"، لكن يؤخذ من كلام البغوي أنه يطهر؛ لأن الماء من ضرورته فإنه قال: لو ألقى الماء في عصير العنب حالة عصره .. لم يضر بلا خلاف؛ لأن الماء من ضرورته. انتهى.
ومراده بعصير العنب: العنب الذي اعتصر ماؤه؛ بقرينة قوله: حالة عصره؛ غذ يحتاج في استقصاء عصره إلى صب ماء عليه؛ لإخراج ما يبقى فيه، فالماء من ضرورته، وما أفاده كلام البغوي من الطهارة اختاره السبكي وغيره، وهو الأصح، وبه أفتيت، بل هو الذي جرى عليه الشيخان وغيرهما في (السلم) حيث جزموا بصحة السلم في خل التمر والزبيب.
وقول المصنف:(غلت) بالغين المعجمة أو المهملة.
[طهارة جلد الميتة بالدباغ]
الثانية: الجلد الذي تنجس بالموت .. يطهر ظاهره وباطنه بالدباغ، وهو: نزع الفضلات كالدم واللحم بحريف طاهر أو نجس كقرظ وذرق طير؛ بحيث لو نقع الجلد في ماء .. لم يعد إليه النتن؛ لخبر مسلم:"إذا دبغ الإهاب .. فقد طهر"، وخبر أبي داود وغيره بإسناد حسن: أنه عليه الصلاة والسلام قال في شاة ميتة: "لو أخذتم إهابها" قالوا: إنها ميتة؟ ! فقال:"يطهرها الماء والقرظ"، ورووا أيضاً بإسناد حسن:(أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن نستمتع بجلود الميتة إذا دبغت).