الرابعة: أن المعيد ينوى بالمعادة الفرض، لأنه إنما أعادها لينال ثواب الجماعة في فرض وقته، وإنما ينال ذلك إذا نوى الفرض، وهذا ما صححه الأكثرون والنووي في (المنهاج) تبعا (لأصله)، واستبعده إمام الحرمين وقال: كيف ينوي الفرض مع القطع بأن الثانية ليست بفرض؟ ! بل الوجه: أن ينوي الظهر أو العصر مثلا، ولا يتعرض للفرضية، قال في (الروضة): وهذا هو الراجح.
وأجاب عنه العلامة الرازي بأنه ينوي ما هو فرض علي المكلف لا الفرض عليه، كما في صلاة الصبي، قال: ولعل الفائدة فيه انه لو تذكر خللا في الأولي .. كفت الثانية، بخلاف ما إذ لم ينوى الفرض، كما أن الصبي لو لم ينوى الفرض .. لم يؤد وظيفة الوقت غذا بلغ فيه، وبما ترجاه افتي الغزالي، ويظهر: أنه بناه على أن الفرض ليس الأولي بعينها، وإلا .. فقد نقل النووي في (رؤوس المسائل) عن القاضي أبي الطيب وجوب الإعادة، لأن الثانية تطوع محض، وأقره عليه، نقله الزركشي.
[وقوع المعاد نفلا]
الخامسة: أن المعاد يقع نفلا، للخبر السابق، ولسقوط الخطاب بالأول.
وقيل: أن الفرض أحدهما يحتسب الله تعالى بما شاء منهما، وربما قيل: يحتسب بأكملهما، وقيل: إن صلي منفردا .. فالفرض الثانية، لكمالها، وقيل: إن كل منهما فرض، لأن الثانية مأمور بها والأولي مسقطة للحرج لا مانعة من وقوع الثانية فرضا، بدليل سائر فروض الكفايات كالطائفة الثانية المصلية على الجنازة وغيرها، ثم إنه يكون فرضه الأولي إن أغنت عن القضاء، وإلا .. ففرضه الثانية المغنية عن المذهب.
والجماعة للرجال أفضل منها للنساء، ولهم في المساجد أفضل منها خارجها وإن كان أكثر جماعة، لاشتمالها على الشرف، وإظهار الشعار، وكثرة الجماعة، ولخبر (الصحيحين): (صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة).