والزمن يوم وليلة مع المعتاد؛ من النزول والاستراحة، والأكل والصلاة ونحوها، وذلك مرحلتان بسير الأثقال، ودبيب الأقدام، وضبطها بذلك تحديد؛ لثبوت تقديرها بالأميال عن الصحابة، ولأن القصر أو الجمع على خلاف الأصل، فيحتاط فيه بتحقق تقدير المسافة، بخلاف تقدير القلتين وتقدير مسافة الإمام والمأموم.
والبحر كالبر في المسافة المذكورة، فلو قطع الأميال فيه في ساعة أو لحظة لشدة جري السفينة بالهواء .. قصر فيها كما يقصر لو قطع الأميال في البر في يوم بالسعي.
[شرط الترخص بالقصر]
وشرط الترخص بالقصر ونحوه: قصد موضع معين أول السفر؛ ليعلم أنه طويل فيقصر، فلا ترخص للهائم، وهو: الذي لا يدري أين يتوجه وإن سلك طريقاً، ولا لراكب التعاسيف، وهو: الذي لا يدري أين يتوجه ولا يسلك طريقاً، سواء أطال سفرهما أم لا، ونقل الإمام عن الصيدلاني أن، الهائم عاص؛ أي: لأن إتعاب النفس بالسفر بلا غرض .. حرام، ومثله: راكب التعاسيف، بل أولى.
وخرج بقوله:(إن قصد ستة عشر فرسخاً) ما لو قصد دونها؛ فإنه لا يترخص بالقصر ونحوه، وما لو شك في بلوغ سفره لها كالرقيق والزوجة والجندي إذا اتبعوا متبوعهم ولم يعرفوا مقصده لا يترخصون، فلو نووا مسافة القصر .. قصر الجندي دونهما؛ لأنه ليس تحت قهر الأمير، بخلافهما؛ فنيتهما كالعدم، ذكره الشيخان.
ولا يخالفه في الجندي قولهما: لو نوى العبد أو الزوجة أو الجيش إقامة أربعة أيام ولم ينو السيد ولا الزوج ولا الأمير .. فأقوى الوجهين: أن لهم القصر؛ لأنهم لا يستقلون، فنيتهم كالعدم؛ لأنه يلزم من عدم حجر الأمير على الآحاد عدمه على الجيش؛ لعظم الفساد بمخالفة الجيش دون الجندي، فلو ساروا مرحلتين .. قصروا، ذكره في "المجموع" أخذاً من مسألة النص المذكورة في "الروضة"، وهي: لو أسر الكفار رجلاً فساروا به ولم يعلم أين يذهبون به .. لم يقصر، وإن سار معهم يومين .. قصر بعد ذلك، وما تفقهه، صرح به في "التتمة".