(أنه صلى الله عليه وسلم جمع بالمدينة وكانوا أربعين رجلاً)، قال في "المجموع": قال أصحابنا: وجه الدلالة: أن الأمة أجمعوا على اشتراط العدد، وقد ثبت جوازها بأربعين، وثبت:"صلوا كما رأيتموني أصلي"، ولم تثبت صلاته لها بأقل من ذلك، فلا تجوز بأقل منه، قال: وأما خبر: (انفضاضهم فلم يبق إلا اثنا عشر) .. فليس فيه أن ابتداءها باثني عشر، بل يحتمل عودهم أو عود غيرهم مع سماعهم أركان الخطبة، وفي "مسلم": (انفضوا في الخطبة)، وفي رواية للبخاري:(انفضوا في الصلاة)، وهي محمولة على الخطبة جمعاً بين الأخبار.
واعلم: أنه لا يلزم من اشتراط العدد اشتراط الجماعة، ولا العكس؛ لانفكاك كل منهما عن الآخر، أما العدد .. فلأنه قد يحضر أربعون من غير جماعة، وأما الجماعة .. فلأنها للارتباط الحاصل بين صلاتي الإمام والمأموم؛ وهو لا يستدعي عدد الأربعين؛ قاله الرافعي.
وقوله:(وهبه) أي: الجماعة الأربعون بصفة الوجوب؛ بأن يكون كل منهم مسلماً مكلفاً حراً ذكراً، مستوطناً بمحل الجمعة؛ أي: لا يظعن عنه شتاء ولا صيفاً إلا لحاجة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يجمع بحجة الوداع مع عزمه على الإقامة أياماً؛ لعدم الاستيطان، وكان يوم عرفة فيها يوم الجمعة؛ كما ثبت في "الصحيحين"، وصلى به الظهر والعصر تقديماً؛ كما ثبت في حديث مسلم، ولكن الصحيح: انعقادها بالمرضى؛ لكمالهم، وإنما لم تجب عليهم تخفيفاً.
قاعدة
[أقسام الناس في الجمعة]
الناس في الجمعة ستة أقسام:
الأول: من تلزمه وتنعقد به؛ وهو من اجتمعت فيه هذه الصفات المعتبرة ولا عذر له.
والثاني: من تنعقد به ولا تلزمه؛ وهم المعذورون بمرض ونحوه.